أكتب الآن وأنا أفكر بعظمة تقنية عزل الصوت في السماعات، شيء أعظم من زر الكتم الذي أتخيل أني أضغطه أحياناً على أفواه من لا يعجبني ولا يروق لي حديثهم. لي حكايات كثيرة معها، جربت أكثر من نوع معظمها كانت لا سلكية وصغيرة، ومنذ مدة سقطت علبة سماعاتي وانكسرت على أثرها السماعة اليمنى وضعتها في جيبي وأنا أنوي رميها بطول يدي.. لكن قبلها يجب أن أجد سماعة صغيرة تروق لي ولم أجد فقررت أن أخذ بنصيحة أخي واشتري هيدفون ففعلت. مر وقت طويل منذ أخر مرة جربت سماعات الهيدفون لدرجة أني لا أعلم هل توفقت في شراء سماعتي ولا أنا متأخرة! أكثر ما أعجبني انها تحتوي على تطبيق يمكنني من اختيار طبقة الموسيقى كما يحلو لي وبها برنامج للضوضاء البيضاء وبه كل الأصوات فصنعت توليفتي من أصوات.. المطر.. النار.. الرياح التي ترخي أعصابي. وبإمكانك صنع توليفتك الخاصة من الأصوات المتاحة وترفع صوت وتخفض أخر دون أن تبقى تحت رحمة أمطار اليوتيوب << معليش بس هالفترة ولا مصيري أرجعلكم.
تأثير انعدام الأصوات الخارجية الذي شعرت به رائع، كم أود لو أنها قادرة على كتم 95% من الأصوات التي تتحدث في رأسي الآن. وهذا يذكرني بما قاله لي أخي حين رافقني قبل مدة لإجراء تخطيط سمع ولأني كنت خائفة طلبت منه أن يدخل معي غرفة الفحص المصمتة ولم أعلم عما مر به المسكين وهو بجانبي لأن برأسي سماعة يختبر بها الطبيب سمعي.. وبمجرد خروجنا قال: ” لو جلست خمس دقايق زيادة .. وجاني أحد قال اعترف بعترف بأي شي يريد!”.
في اليومين الماضية وصل اشتعال رأسي إلى أوجه بعد أن كان يطبخ على نار هادئة الفترة الماضية، فقررت أن أبقى بمنزلي إلى أن تهدأ الأفكار التي تعصف بي. لم تفلح كل الطرق التي انتشل بها نفسي حين أمر بهذه الحالة فحتى حماس وطاقة ملك القراصنة لم تنتشلني مني. وعلى الرغم أني استيقظ صباحاً لم أفتح الستائر لنور الشمس لأكثر من ساعة، أشعر أني لا أستطيع تحمّل أي ضوء فقررت أن أبحث عن مسلسل يواكب هذه الكآبة.. فوجدت مسلسل غداً نلتقي والذي بدأت بمتابعته بإضاءة شاشة خافتة ومكان بارد لأكون جزءاً من القصة بطريقتي الغريبة في الانتماء للأشياء. المسلسل رائع قاربت على الانتهاء منه، أحب تمثيل ضحى الدبس وحين تغضب تصبح حقيقية جداً، أظن أني سأعيده مرارا.
لا أحب الخوف ولا أحب الجهل. لا أحب أن أراها بي ولا أحب أن أراها بمن حولي. متخوفة من بعض الأشياء التي أعلم أني لو تشجعت قليلاً ووضعت طرف قدمي خارجاً لنسفت هذا الخوف من جذره. لم أجد من يطمئني ويساعدني في دفع هذا التخوف بعيداً عني ولا بأس بهذا.. فعلت الكثير وحدي وأنا محاطة بالكثير؛ وسأفعلها الآن بمفردي لأنه يوجد أشياء إن لم تركلها بنفسك لن تشعر بمقدار ثقلها فوقك. أفكر أحياناً بالثلاثة رجال الذين حبستهم صخرة في الغار فدعا كل واحد منهم بأكثر عمل صالح عمله لينجيهم الله من حبسهم، فأقول لنفسي هل هذا الأمر يهدد حياتي لأخاف بهذا القدر؟ لا. لأطلب من الله بأكثر أعمالي صلاحاً؟! لا. هل عملت أصلاً أصلح أعمالي؟ لا أعلم. فأقرر أن أدّخر هذا الدعاء لأمر أهم لأنه حتماً سيكون لنا غد.



اترك رداً على م. طارق الموصللي إلغاء الرد