مسمار صلب

تبقى راسخاً في مكانك، لا تتحرك. ليس لأنك لا تقوى على الحراك، بل لأنك تقنع نفسك بكذبة أنك تقف في مكانك المناسب. وأيَّ تغيير يطرأ على سكونك سيهدم ما حولك، أنتَ رمّانة الميزان التي باختلالها يترنّح العالم المتأرجح.

القوة التي تُظهرها تُثقِل كاهلك أكثر، فتزدحم مساحاتك الشاغرة التي كنت تجد منها مرونتك. تصلِبُ قامتك لأن الإنحناء لا يليق بك. يتعلّقُ الرف بك متوسلاً ألّا تتركه وتذهب.. كأنّ خيار الرحيل ملكٌ لقدمك َالواحدة وترفض! يُحاول الجدار أن يطردك كل يومٍ ويفشل، مغروسٌ به بإتقان، حتى يسعدَ الرف بثباتك فيه وتتحمل أنت وزنه. بينما يبكي الجدار تشققاً على أمل أن يصلك ويسقط الرف، فتتحرر من حبسكَ وينتهي ألمه.

سقط الرف أخيراً.. تحققت أمنيتك وتحررت، قبل أن يُدقَّ مسماراً أخر في مكانٍ جديد لأنك لم تعد صلب بما يكفي؛ والرف يحتاج الثبات.. والجدار لا زال يبكي ويتألم.


اكتشاف المزيد من عائشة على القمر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

ردان على “مسمار صلب”

  1. صورة أفاتار أبو إياس

    ما شاء الله وصف بليغ، لكن احتجت قراءتها للمرة الثانية عندما عرفت في النهاية أن الذي تتحدثين عنه المسمار، في البداية قرأتها كأنه شخص لا يحب تغيير مكانه مثل المسمار فلم تلفق عليه كل التفاصيل، لكن في المرة الثانية فهمتها بوضوح.

    Liked by 1 person

    1. صورة أفاتار Aeshah
      Aeshah

      أهلاً بك وأشكرك على قراءتك وتفاعلك المستمر ..
      النص قابل للتفسير بحسب الجانب الذي يراه القارئ، قد يكون انسان، مسمار يائس أو ثابت أو متمرد .. كل الاحتمالات ممكنة ولا مكان للمستحيل هنا.

      Liked by 1 person

أضف تعليق

اكتشاف المزيد من عائشة على القمر

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على تنبيه بكل تدوينة جديدة فور نشرها على بريدك!

مواصلة القراءة