أتبع الشمس .. نحو الأفق 🌻🌤️

أُكثر من النظر للسماء، في النهار أو الليل، منذ عرفت نفسي. إمّا لمراقبة أشكال الغيوم وتحرّكها وتغيّرها مع مرور تيارات الهواء. أو لمشاهدة النجوم وأحجامها ولمعانها في حلكة الليل. لذلك هذه تدوينة من الأفق.. وللأفق!

كنت في طفولتي أثناء حديثي أرفع بصري للسماء، وإن كان فوقي سقف! أذكر أحد أقاربي كان ينظر لي بريبة حين أتكلم ويقاطعني بسبب نظري للسماء، لأنه برأيه كنت أتحدّث كما لو أنّ شيئاً تلبّسني! لم يمنع نفسه من مشاركة ملاحظاته الغبية مع والديّ، والمضحك أنّه عدّت السنوات والعقود، ولا زال يستخدم هذه الشمّاعة ليعلّق عليها كل ما لا يريد فهمه أو إدراكه أو مواجهته.

حين أتحدث أثناء تنزهي ومشيي مع أصدقائي، والتي دائماً ما تكون مشية ثنائية دون تحديد وجهة أو مدة أو سالفة، أنظر كذلك نحو السماء.. ربما لالتقط الكلمات منها أو لأني أجدها فيها! الذي اكتشفته مؤخراً، بسبب مصادفتي للكثير من الشموس والأقمار والنجوم؛ أنني في كل مرة أرفع بصري للسماء، كنت أتبع حسّاً يلحّ عليّ منذ ولدت أن أتجه نحو الأفق وإن كنت لم أفهمه.

في أول كلمة نطقتها بحياتي، أو أنطقني الله إياها، حين رأيت لأول مرة علو الجبال في الصحراء مع زرقة السماء: “بادي”. لم أنطقها إلّا لأجل الانبهار الأول بالأفق، بالامتداد اللانهائي للبادية، بالاتساع والرحابة، بالانشراح الذي يملأ العيون والقلب لانعدام كل أنواع الحواجز. وهذا يذكرني بالأسماء التي كانت أمي تنوي أن تسميني بها رغد، رحاب وهي جميعها أسماء شاسعة، ورحبة، وممتدة، ولا نهاية لها. وان انتهى المطاف بي بعائشة، يبقى اسماً متطلعاً للأفق ممتداً وشاملاً ويشير لكل معاني الأسماء التي اختارتها لي .. ولم تختارني!

أغني أغنية حدودي السماء لكارول سماحة منذ سماعي الأول لها حتى هذه اللحظة! (أنت حدودك هالأرض وأنا حدودي السماء) واستخدمتها كثيراً كإجابة أو تعليق في مواضع وأوقات كثيرة من حياتي. وفي كل مرة أنطقها، كنت أفكر وأتأمّل بها وأقول: “لكنني كذلك أحب الأرض!” ولو خيّرت أي نبتة سأكون؟ لقلت: “السنديان.. البلّوط بالطبع!”. ولم لا اختارها وهي شجرة معمّرة، قوية، صلبة، شامخة، ثابتة، متجذرة، ممتدة تحت الأرض كما فوقها.. ومع هذا لا يمنعها أي حاجز من التطلّع نحو الأفق.

حين أسبح، دائماً ما أسبح على ظهري وللخلف ورأسي نحو السماء! ورغم كل المحاولات التي بُذلت لأسبح مع التيّار.. إلا أنه في اللحظة التي أتوقف فيها عن مواجهة قوة الماء، يصيبني خدر في رأسي وتنميل في أقدامي يجعلني استسلم للغرق .. لا أعلم لماذا لست متفاجئة من هذا الأمر؟!

أتبع الشمس.. استخدم ايموجي زهرة دوّار الشمس أو عبّاد الشمس منذ مدة لا بأس بها! لماذا يستخدم الكائن الليلي الذي أنا عليه، إيموجي مشمس صيفي وهو يمقت الصيف ولا يحتمله؟ لأنه يتبع الأفق .. لا الشمس. هذه الزهرة تخدعها في تتبع نورها أثناء حركتها حول الأرض، كما لو أنها لا تبرز إلا من خلال أشعتها. بينما هي بحجمها المتناهي بالصغر تطارد الأفق وتبقى مزهرة ومتفتحة حتى في الليل!

وصلت إلى هذه الفكرة، بعد اصطدامي بأغنية follow the sun والتي لا إرادياً صرت أتمايل معها حين سماعها مرة لأجل الكلمات، ومرة لأجل الموسيقى المنعشة الحيّة، ومرة لأنني أحلّق معها نحو الأفق.

لا تحب أمي اسم عليا، أو أغنية فيروز (عيونك يا عليا شو حلوين) لأسباب لا داعي لذكرها.. لكنّها تحب شخصية عليا في المسلسل التركي المدينة البعيدة. كانت تخبرني منذ أيام، عن سلسال طائر العنقاء الذي ترتديه عليا، وأنها تود امتلاك وارتداء سلسال بنفس حجمه .. أنيق ومميز ومريح في لبسه والنظر إليه. تظن أمي أن عليا وسلسالها هما المميزان! ما لم تنتبه إليه بعد، أني أبحث لها بالخفاء عن سلسالها المنشود. بالإضافة إلى أنّ عليا شخصية دائمة النظر نحو الأفق، حتى أثناء تحطيمها وحرقها لأبواب قصر ألبورا المستمر لم تفعلها إلا لأنه يحجب عنها الأفق. نعم عليا مثل العنقاء تولد من رمادها أقوى كل مرّة، ولذلك أهداها جيهان هذا السلسال، لكن السبب الذي جعل العنقاء ينقرض هو طيرانه الدائم.. نحو الأفق.


اكتشاف المزيد من عائشة على القمر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

أضف تعليق

اكتشاف المزيد من عائشة على القمر

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على تنبيه بكل تدوينة جديدة فور نشرها على بريدك!

مواصلة القراءة