رحلتي مع العلاج الطبيعي🩻💪🏻 ١٤ شهر من الألم والإصرار والأمل..!🧘🏻‍♀️✨

أنشر هذه التدوينة بعد خروجي من أخر جلسة علاج طبيعي.. الجلسة رقم 82، بعد كتابتها ومراجعتها لأكثر من شهر. كنت قد أخبرتكم من قبل أنه قرر لي 58 جلسة، لكنها زادت إلى أربعة وعشرين أخرى، ذهبت إليها متألّمة، خائفة، مرهقة، مؤرّقة، باكية، ساكنة، هادئة، صابرة وموقنة أنّ الله معي. سئمت وأرهقت كثيراً من ترتيب حياتي وعيشها بحسب مواعيد جلسات العلاج الطويلة المملة، والتي أحياناً تكون جلستين في كل أسبوع أو ثلاثة بحسب ما يرى الطبيب. أخرج اليوم مع توصيات بالإستمرار على التمارين المنزلية والانتباه للكثير من الأشياء إلى الأبد!

منذ ثلاث سنوات وحتى هذه اللحظة أتناول مكملات غذائية، لأني أعاني من نقص الحديد ومخزونه، B12، فيتامين د، بالإضافة لصغر حجم كريات الدم الحمراء الذي يجعلني أعاني من الدوار وضيق التنفس، وذلك لصغر حجمها ولا تستطيع أن تحمل كميات أكسجين كبيرة! وزادت حاجتي لها مع فقدان الشهيّة والوزن الذي أصبت به.

بدأت ألام ظهري وأقدامي منذ أكتوبر عام 2022، كنت أظنها مجرّد تشنجات عضلية وإرهاق، بسبب العمل والوقوف الطويل في المختبر الذي يستمر لأكثر من 9 ساعات يومياً. فكنت أرمي نفسي في المغاطس الدافئة كل نهاية أسبوع وأبقى في الماء الساخن لأكثر من ساعتين بصحبة العصائر والماء المثلّج حتى لا أفقد وعيي.

أملئ المغطس بالماء الساخن، الزيوت العطرية وبالأملاح (ملح البحر، ملح الهمالايا) لتسحب كل السموم والتعب من الجسد. وسائل رغوي مدعّم بالمغنيسيوم والتوت البري ومضادات الأكسدة والملح الإنجليزي ليخفف من الألآم العضلية والكدمات التي ملئت جسدي وأخافتني. إضافة لاستخدام الكمادات الحارة، الفكس والفولتارين واللصقات الموضعية، لتخفف من الألم قبل بدء كل يوم عمل. وفي اليوم الذي أعرف انه سيكون كثيفاً أكثر من اللصقات فتنتشر رائحة الفكس كما لو أني تعطرت به! لم أجد روابط للمنتجات التي استخدمتها لكن أرفقت منتجات مماثلة لها.

في صيف عام 2023 بالتحديد بعد عيد ميلادي بعدة أيام.. تشنج حينها كتفي بألم جديد لم اعتده، فلم أستطع تحريكه وشعرت في تلك اللحظة أنه سقط من مكانه. أوقفت التجربة التي كنت أجريها في ذلك اليوم عند أول خطوة وذهبت للبيت عند الساعة الثانية عشرة ظهراً لأستريح. وعدت في اليوم التالي منذ السابعة صباحاً ولم أخرج إلا بعد أن أنهيت أخر خطوة عند الخامسة مساءًا، ولم أفعل شيء في نهاية ذلك الأسبوع سوى النوم. وبدأ منذ ذلك الوقت يزداد الأرق ويصعب عليّ النوم بشدّة، وبدأت بفقدان الشهيّة والقدرة على الأكل التي تبعها فقدان تدريجي بالوزن إلى أن وصلت لمرحلة النحول.

في الأسبوع الأول من أكتوبر 2023 كان التحذير الثاني من جسدي والذي لم أستجب له سوى بالراحة والنوم وما اعتدت فعله من قبل، لأن كل من حولي كان يقول لي هذا ألم طبيعي لدى كل من يعمل في المختبرات.. فصدّقت!

أتت الضربة القاضية في أول أسبوع من يناير 2024، سقطت بعد أن وصلت إلى المنزل، لأودي واجب عزاء عمي رحمه الله، وعجزت عن الحركة لساعات فتغيبت عن أول يوم.

ما أنا متيقنة منه، أني كنت على الحافة ومتحملة للكثير من المسؤوليات، الضغوط، الهموم، والألم، والتعب، والهراء، والغباء، والاستفزاز وحرق الدم. وكان جسدي يظهر لي كل العلامات وينبهني وأنا ثابتة متماسكة أحاول الوقوف والثبات، لأني لا أعرف سواهما! الاستسلام لم يكن خياراً لي أبداً ولن يكون! إلى أن وصلني خبر موته في الوقت الذي كنت أفرغ به شقتي للصيانة. أكملت تعبئة الكراتين بقوة وسرعة وطاقة جنونية لا أعرف من أين أتت، جهزت حقيبتي وسافرت فوراً وأنا أؤجل التفكير به وبالحزن وبكل شيء إلى أن أصل. بعد أن دخلت البيت وغيّرت ملابسي لأذهب للعزاء خارت قواي وسقطت، وكأن جسدي أخبرني في تلك اللحظة: “خلااااص… كثّر الله خيري وصلتك للبيت بأمان!”

لا أنسى ما فعله والدي لأجلي بعد أن عاد للمنزل وتفاجئ بنحولي الشديد أو الأصحّ ذبولي! والكدمات التي تملئ ساقيّ، وأشعر بالذنب لأني حمّلته حينها همّ كبير فوق حزنه. استطعت المشي بعد منتصف الليل، وأخبرتني أمي في نهاية العام الماضي؛ أنها في ذلك الوقت من شدة الخوف كانت تبحث عن أعراض التصلب اللويحي وعلاجه وأمهر أطبائه لأنها ظنت أني أصبت به لا سمح الله!

بدأت بالبحث عن أطباء عظام وعلاج طبيعي، ونصحتني إحدى السيدات التي اعتبرها أبلة (أخت كبيرة) لي بطبيب علاج طبيعي فذهبت إليه، كانت توصيني بالانتباه لنفسي كل يوم تقريباً، ولن ولا أنسى لها وقفاتها الكثيرة معي ما حييت.

ذهبت إلى الطبيب في شهر يناير 2024 بعد أن وصل وزني لأقل من 45 كيلو لأني توقفت عن قياسه بعد أن رأيت هذا الرقم. فحصني وحاول أن يختبر قوة ذراعي وجذعي فانهرت بالبكاء، فخفف من شدة ضغطه. أجرى اختبار مقاومة أخر على ذراعي وحين تركها سقطت في الهواء كأنها ورقة وقال: “تمزحين صح؟” لكن كم كنت أود لو يكون هذا مزاحاً!

أخبرني أنه لدي شد وتوتّر في الرقبة، بداية تحدّب kyphosis وإنحراف بلوح الكتف الأيمن (كتف مجنحة Winged scapula) مع وجود احتكاك في أحد فقرات الرقبة، إن لم انتبه له سيتحول لديسك! لأنه من شدة النحف والجلوس الخاطئ، انحنى عمودي الفقري وتحدّب فأصبح على فقرات رقبتي ثقل يعادل 58 كيلو! ولذلك تُشد باستمرار وتتشنج ولا أستطيع النوم والصداع لا يفارقني، وطنين الإذن والدوار والكثير من المشاكل التي اكتشفت أن سببها التهاب عضلات الفقرات العنقية!

طلب مني أن أذهب لأخصائية تغذية سريرية لأتعامل مع فقدان الشهية.. ووبخني لأني كنت في مرحلة نحول شديد، وأنه إذا بقيت عاجزة عن الأكل سأدخل في مرحلة اضطراب هرموني، انقطاع الدورة الشهرية، صعوبة الحركة بسبب احتكاك المفاصل لعدم وجود أي عضل والكثير من الأشياء التي قالها يحذرني منها وأنّ حدوثها مجرّد مسألة وقت. كنت أسمعه وأنا ابتسم فعلّق علي: “أنتي تبغي تموتي؟” فنظرت إليه صامتة وأنا أفكّر ماذا يعني الموت؟ وماهي الحياة أصلا؟ ودخلت للجلسة الأولى وأنا أفكر بهذه الأسئلة.

كنت أؤدي الجلسات مع أخصائية علاج طبيعي سعودية اسمها سهام. أدعو لها دائماً لأن سهامها أصابت الكتل والنقاط المتشنجة Trigger points في رقبتي وكتفي وعضلات ظهري رغم عدم وجود أي عضلة! استمرت أول جلسة لمدة ساعتين.. عدت بعدها للمنزل ونمت نوم لم أنامه منذ ما يقارب السنة! نوم أعمق وألذّ من نوم السفر! قال لي الطبيب قبل أن أبدأ بالعلاج أنه خلال شهرين فقط سأصبح مثل الحصان فكانت أخر جلسة في 11 مارس 2024، يوم 30 شعبان من العام الماضي!

كان علاجي يعتمد على جلسات التحفيز الكهربائي لمدة 45 دقيقة تقريباً، فامتلأ ظهري وذراعيّ بالأسلاك مع كمادة حرارية فوقها لتسترخي كل العضلات المشدودة. ثم كاسات الهواء والإبر الجافة لتفكيك العقد في عضلاتي والموجات التصادمية ولصقات الشد التي تستخدم لتثبيت لوح الكتف، مع إجراء بعض التمارين لتقوية العضلات.

كانت المسكينة تستغرق وقتاً طويلاً لإيجادها والإمساك بها لتغرز الإبر، كانت توصيني في كل جلسة بالمحاولة على الأكل، لأن الألم كان يتضاعف علي بسبب احتكاك المفاصل والعظام. بعد أن تنزع الإبر كانت تمرر على ظهري جهاز الموجات التصادمية ليفرد العضلات، كانت تعتذر مني حين تستخدمه لأنه يصطدم بأضلاعي وفقرات عمودي الفقري فيبدأ يطقطق ويقرقع مثل سيارة تسير على طريق حجري.. لأنه لا يوجد عضل!

ذهبت إليها أخر جلسة معي غدائي فاستئذنتها لأتناوله فضحكت وقالت: “ليه هوا أنتي طلعتي تاكلين زينا؟؟ من دون إذن يا عيني.. بالعافية!” ولأن الجلسة كانت في العصر كنت سأقول لها: “لا أتغذى على البناء الضوئي”.. بس خفت تزود عليّ تيار الكهرباء.

تزامن بدء علاجي مع إصدار حبيبة قلبي أرتوس لكتاب صحتك في كوب.. فاشتريت الكتاب _حلال فيه كل ريال_ وبدأت أطبق وصفات العصائر والسموذي به لأني وصلت لمرحلة استثقل واستصعب المضغ، وتتعبني أبسط حركة لفكّي. فالسوائل هي ما كان يمكنه إنقاذي وهي ما تبقى في جسدي وما تتحمله معدتي. أمانة إذا قرأتي لا تهزأي يكفي توبيخ طبيب الأسرة الذي يتابع معي ويجعلني أحلل وأتابع معه كل ثلاثة أشهر.

كانت قد نصحت بحسابها بنوع من الكولاجين البحري والذي تشبه رائحته مادة الأجار التي أنمي عليها أطباق البكتيريا في المختبر كل يوم. وهذا لأن الأجار والكولاجين البحري مصدرهما الطحالب الحمراء. فكمية الغثيان التي كنت أشعر بها من رائحته لا يستطيع أن ينافسني عليها أحد. أخذته ولا زلت مستمرة عليه لأني في تلك الفترة وصلت لمرحلة لا أستطيع أن أصلي إلا وأنا جالسة! هذا الكولاجين بفضل من الله أحيا مفاصلي وأربطتي وأنعش جسدي وكل خلاياي! فشكراً من كل قلبي يا سوس والله يرحم والدتك ويحفظ لك كل من تحبين. وصفاتي المفضّلة هي عصير الجذور للبشرة وجرعة الشمندر للقوة، وسموذي البينا كولادا.

كنت كذلك أشرب الحليب المخصص للتغذية الوريدية مثل Ensure وPeptisens لأنه مدعم بالبروتين والفيتامينات بما أني لا أستطيع تناول أو تحمّل أي أكل ثقيل.

حين حضنتني جدتي بعد أن عرفت على سبيل الصدفة بسبب زلة لسان من أمي، أني صليت أغلب الفروض في رمضان الماضي إلى شهر محرّم على الكرسي. ما لا يعرفونه أنها كانت من قبل ذلك الوقت، إلى جمادى الآخر الماضي! بفترة أستطيع أن أقول أنها قاربت العام. لن أنسى تلك الدمعة ومسحة يدها الدافئة على ظهري.. وأصبحت تحلّفني في كل مرة أزورها بها أن أهتم بنفسي أكثر.

في يوم عرفة الماضي، قضيت اليوم مترنحة مستلقية على السرير أصحو وأنام دون أن أشعر بنفسي. في تلك الظهيرة وصلت طلبية ملابس العيد.. لأول مرة في حياتي ارتدي بنطال جينز بمقاس XS وتيشرت XXS. بعد أن قست الملابس وأريتها لوالدتي التي أثنت عليها وهي تحاول أن ترفع معنوياتي، انهرت فجأة وانتحبت أمامها في وسط المطبخ، لم يكن انهياري بسبب الملابس، بل لأني لم أكن ضعيفة ومنهارة داخلياً وخارجياً طوال حياتي مثل ما كنت في تلك الفترة. وكعادتها حملتني بروحها وقلبها إلى أن هدأت! فخزانتي مليئة بالملابس الجديدة التي لم ارتديها وها أنا مضطرة لشراء غيرها لأني لا أستطيع لبسها.

قبل المغرب بنصف ساعة جاء والدي غرفتي ليطمئن علي، فتح الباب وأنا أتمتم بالدعاء مغلقة العينين ونور الغروب يملئ الغرفة فسألني: “صاحية ولا نايمة؟؟” ففتحت عيني وجلست ولم تفته أثار الدموع بوجهي وقال لي: “ما دعيت لأحد قدك اليوم.. قومي غسلي وجهك.. جبت لك شي تحبينه على الفطور” سألته ولم يخبرني، وحين جلست على السفرة تفاجأت بوجود الزلابية والطرمبة (بلح الشام). لحد يسألني ليش اسمها طرمبة لأن ما أعرف! هذا ما وجدنا عليه أبائنا! ولأنه تعنّى لأجلي أكلت حبة من كل واحدة.. وهو ينظر إليّ بس حبة وحدة!

ألم أقل في تدوينات سابقة أنّ الحب من أهم القيم لديّ، وأنّ الحب هو من أنقذني.. هذا قليل جداً من الحب اللامتناهي الذي عشته وكبرت عليه، ومحظوظة كثيراً وجداً بهذا الحب وهذه النعمة. محظوظة أنّي غمرت وأحطت به فعلاً وقولاً وشعوراً منذ ولدت والحمد لله عليه ليلاً ونهاراً سرّاً وجهاراً. هذا هو جوهر الحب الحقيقي والصادق.. الحنان، الاهتمام، الرعاية، الأمان، القبول، الرحمة، التقدير، الاحتضان، إعادتك لنفسك إن تهت عنها.. والكثير الذي إذا بدأت بالتحدث عنه لن تنتهي هذه التدوينة. طوال هذا الرحلة المملة كان أبي يكرر عليّ هذه الجملة: “إياكِ تفكرين وتصدقين إنك مريضة.. خلي مشاعرك إيجابية، واعتبري جلسات العلاج الطبيعي مثل مشوار النادي رايحة تلعبين وتحركين جسمك تتنشطين وترجعين!”

عدت لجلسات العلاج في منتصف شوّال الماضي بعد انقطاع ست أسابيع لأن الألم لم يذهب وما صرت مثل الحصان. فذهبت إلى طبيب آخر، وخرجت منه بنفس التشخيص مع إضافات.. إنحناء أخر في العمود الفقري يعرف باسم Scoliosis أي جنف بسيط على شكل حرف C يبتدأ الإنحناء عند أول الفقرات الصدرية أي مع بدء اتصال أعصاب الكتف بالظهر، مع وجود احتكاك آخر في إحدى الفقرات القطنية أسفل الظهر في مكان أعصاب الساقين..  وهذا يفسر الألم الذي كنت أشعر به عند الوقوف الطويل أو بعد المشي، الذي أجبرت على التوقف عنه حتى يزيد وزني! النوع الذي شخصت به هو الجنف الصدري القطني.

من الأشياء المضحكة التي حدثت معي حين أخبرني طبيب العظام أنه لا علاج لمرض Scoliosis! وقال لي لو كان عمرك أقل من عشرين سنة كان من الممكن أن يستجيب عمودك الفقري للعلاج! وطلب مني أن أتعايش مع المرض لأنه مزمن! وحين سألته عن سبب ظهوره وأني حين أنظر بالمرأة لظهري لا أرى هذا الإنحناء ولا يظهر على بنيتي، ولم أره من قبل! أخبرني إما أنّه يحدث منذ الولادة، أو وراثياً فيحدث في المراهقة بين عمر 16 – 18 للإناث أكثر من الذكور. وذلك بسبب النمو وزيادة الطول فيتسارع ويسبق جزء من العمود الفقري بالنمو أكثر من الأخر فيحدث الإنحناء، خاصة إذا صاحبه إهمال وجلوس خاطئ. أو بسبب الجلوس الطويل بوضعية خاطئة إن انتفت الأسباب السابقة. وأظنّ أن هذا ما حدث معي فمع فقدان الكتلة العضلية وفقدان القدرة على الأكل والعمل المكثف المرهق حدث الانحناء!

ما اقتنعت بكلامه أنه المرض مزمن ولا علاج له بسبب توقف النمو!

لأني لا أؤمن بهذا السبب حتى في حالة الأمراض الميكروبية.. كل شيء في الحياة له سبب ومسبب.. فعل ورد فعل.. داء ودواء.. قانون طبيعة ثابت لا يمكن العبث به. فنشبت له أكثر هل يمكن إجراء عملية؟ ارتداء حزام؟ فقال: “الحزام لا ينفعك، وحالتك لا تستدعي عملية لأن درجات الإنحناء أقل من 25 درجة” ثم أكمل: “ولدي وبنتي لديهم نفس المرض ومتعايشين معاه.. تعايشي!”. فقلت له بداخلي: “تخسى أتعايش!”.

ثمّ أخبرته أني سأستمر بالعلاج الطبيعي لأني أشعر بالتحسن، فهز بيده.. وكأنه يخبرني أن هذا حل مؤقت ومخدّر، فقط سيساعدك بتخفيف الألم مؤكداً أنه لا علاج له.خرجت من عنده ذلك اليوم وأنا أبكي قهراً، وحين أخبرت أمي قالت لي: “دكتور عظام ويائس من علاج عياله! كيف تصدقينه وتثقين فيه إذا قالك مافي علاج؟؟” وهنا تأتي أهميّة الأشخاص الذين يعرفونك حقاً، ويذكّرونك بالتوكل على الله وأنّ الاستسلام يكون له وحده عزّوجل، وأن قدرات البشر وعلمهم محدود مهما بلغ.

المضحك أكثر أنه أخبرني هذا الخبر بعد أسبوع من إزالتي لورم ليفي حميد من الثدي.. لأني لم أستطع التعايش معه! وكان يضايقني ويؤلمني لمدة طويلة زادت بسبب النحول. أعطتني حينها استشارية الأورام حرية إجراء العملية إذا ما ازداد الألم أو حجمه ففعلت لأني كنت قد أقسمت ألا أتحمل أي شيء بمقدرتي تغييره. فأجريتها بمفردي بعلم أمي فقط، ودون مرافق سوى ربي. لأني لا أريد إحداث أي قروشة ودراما أو هلع وتوتر أو خوف لمن حولي. يعني يا دكتور أنت قاعد تقول للشخص الخطأ استسلم وتعايش ومالك علاج!

بدأتها في عيادة جديدة لأن الأولى بعيدة عن منزلي، أطباء جدد.. وتكنيك علاج مماثل مع إضافة جلسات العلاج بالموجات فوق الصوتية، وتمارين على الأجهزة الرياضية، وأشرطة المقاومة، والكرة، والسلّم، والعجلة، تحريك الفقرات، العلاج اليدوي، والكثير من التمارين المعتمدة على وزن الجسم. عالجني في هذه العيادة 5 إخصائيات، هنديّتان وثلاثة من جنسية عربية إحداهن رغم شطارتها قصّرت في علاجي وما قصّرت فيها! واكتشفت حينها أنه تبقى على نهاية عقدها أسبوعين !

القهوة البريئة من كل شيء .. حاضرة في كل لحظة

لذلك ضروري تكون مصحصح ومتيقظ لأي تجاوز أو تقصير يحدث معك خاصة إذا كنت تتعالج بمفردك. أعرف إنه صعب وكثير على الإنسان أن يتعالج ويسلّم نفسه بثقه لمن يعالجه، ويحافظ على مشاعره إيجابية وعالية ليستفيد من العلاج، وأن يكون منتبه ومستعد لأي شي ممكن أن يحدث! لكن معليش طارد ورا حقوقك لأن لو صار لك لا سمح الله أي تجاوز، أو خطأ طبي أو مضاعفات بيحاولون بكل طريقة يتملصون من المسؤولية والضحية أنت!

أما أنا ففخورة جداً بنفسي رغم الألم والتعب وحرقة الدم، استجمعت شجاعتي وما طلعت من عندهم ذاك اليوم إلا وأنا ماخذة حقي.. بل أن الإدارة شكرتني لأني لم أصمت على ما فعلت! صح أني انهرت صياح في طريقي للبيت غير مصدّقة جرأتها على تكذيبي واستغبائي والاستهبال عليّ والاستفلال على راسي! لكن في ذلك اليوم أدركت لماذا يحب الله المؤمن القوي أكثر من المؤمن الضعيف! وأنا والله كنت أدعيه أن يحبني أكثر ويجعلني قوية بالحق والعدل طوال الوقت.

الإخصائية الهنديّة التي بدأت أشعر بالتحسّن معها كانت من كيرلا،وارتحت لها قبل أبدأ جلساتي معها! بعد أول جلسة معها التفت لها وقلت لها “!!You are a real healer ” أصبحت صديقتي رغم أنها لا تعرف أني مغرمة بالسينما الهندية! هذه الإخصائية حرّكت فقرات عمودي الفقري، فقرة فقرة بعلاج يعرف باسم Spinal Mobilization مع التركيز على الفقرات التي يبدأ عندها الإنحناء والفقرات التي تتصل بها أعصاب الكتف. كنت أشعر بعد كل جلسة معها بنشاط يطيّر نومي.. شي مثل التنفس العميق وشعور الأكسجين النظيف لما يوصل للمخ! بعكس بقية الإخصائيات كنت أخرج متعبة مهدود حيلي وأنام فور عودتي للمنزل!

في بعض الأوقات كنت أذهب إلى جلسات العلاج الطبيعي فور خروجي من العمل، وكنت استاء وأنزعج واتضايق لأني أتلقى معاملة خاصة وممتازة حينها، فقط لأني ارتدي بالطو أبيض! بل أنه صادف في اليوم الذي ذهبت به لموعدي عند استشارية الأورام والتي لم تكن موجودة في ذلك اليوم، أنّه لم يأخذني طاقمها على محمل الجدّ إلا بسبب البالطو الأبيض! وطلبوا مني أن أجيء بدون موعد الأسبوع الذي يليه لأنه ستكون عادت من إجازتها فتراني وتقرر ماذا سنفعل!

نعم ربي سخرهم لي ليسرّعوا من علاجي ويزيلوا قلقي وهمي وتعبي، وكان البالطو سبباً في هذا دون أن أنوي أو أعلم، ولو دخلت يومها مثل أي مريض كان انتظرت شهور! لكن كإنسان مريض، يزعجني كثيراً أنه حتى في حالة المرض والضعف لا أصدّق ولا أعالج بذمة وضمير وأمانة، إلا بواسطة غير مباشرة وإن كانت بالطو أبيض يظهرون به تقديرهم لي لأني زميلة مهنة! وافتراض أن هذا المريض جاهل ولا يفهم، ويصبح البالطو دليلهم على علمه وتعلّمه! وكأن روح الإنسان الواقف أمامهم ليس لها كرامة أو قيمة أو أهمية! هذه النوعية من البشر هم الذين يقيّمون الناس بحسب ما يملكون ويرتدون، هم من يصطفون بـ(اللاينات)، وهم من يواعدونك للإلتقاء بك عند التاسعة مساءًا ويخرجون من منازلهم عند التاسعة والنصف! ولا يحسنون التعامل معك إلا إن كانوا يريدون منك شيء!

أعرف أنّ الكثير سيقول احمدي ربك وأسكتي واستفيدي من الأمر واستغليه وكوّني علاقات بفضله! لكن لا أستطيع أن أتجاهل هذا التحيز أو الصمت عنه لأنه يمكنني الاستفادة منه! كمريض، أنا استحق أن أعالج بأمانة عالية وأن أعامل معاملة عادلة بغض النظر عن أي امتياز! كيف سأثق بمهنيّة من لا يتّبع أبسط أخلاقيات مهنته.. مهما كانت مهنته؟!

لطف الله بي وحقيقة الإيمان به والتوكل عليه.. أعلم كثيرأ أن الله أكرمني بلطفه ومعيّته في كل حياتي وأنجاني كثيراً. لكن ما أكرمني به منذ تلك الحمّى التي أصابتني في أكتوبر 2023 إلى هذه اللحظة هي معجزات، ودعاء والدين، وتسخير إلهي ومعونة لم أشهد مثلها طوال حياتي! هو وحده يعلم ما عشت وما مررت به وما صبرت عليه وما تحمّلت وما شعرت به من ألم. ومهما شكرته وحمدته لن يبلغ الشكر والحمد منتهاه. رغم كل شيء.. كان معي، وجبرني الله جبراً لا مثيل له، وسيجبرني أكثر وسيعوضني أكثر وسيعطيني أضعاف ما سألته بفضله وحوله وقوّته، هو الذي لا يعجزه شيء.

الإنصات لجسدي والثقة به وبحدسي وبعقلي وبفكري، الرفق به، واحترامه وحفظه. حين أقول لا أشعر أني بخير فأنا فعلاً لست بخير! حتى وإن قال لي كل قريب أو طبيب ما فيك إلا العافية، كلنا كذا، إرهاق وتعب طبيعي، ارتاحي أكثر، لا تتدلعي، مالك علاج، تعايشي! أنت وحدك من يشعر بألمك فقط. أنت فقط من يستطيع أن يعرف أن ما بك ليس إرهاقاً أو تعباً يزول بالراحة أو مجرّد عدوى موسمية. أنت وحدك من يقدر على تحديد هل هذا الألم محتمل؟ وتستطيع تحمله بالمسكنات؟ أم تحتاج انتزاعه من جذره؟! أما أنا فكنت قد أقسمت أمام الله ألا أحتمل أو أصبر على أي شيء يؤذيني صغيراً كان أو كبيراً وأنا قادرة على تغييره.

في هذه الحياة، يوجد أشخاص يناسبون أيام الرخاء، وأخرون يناسبون أيام الشدائد.. لا بأس بهم وجزاهم الله خير. ويوجد بها أشخاص هم ذهب خام .. نادرين.. فريدين من نوعهم. جواهر ثابتة في حياتك في أيام الرخاء والشدة، يتقاسمون معك المر قبل الحلو، يدركون أنّ الحياة سلف ودين، أرواحهم وقلوبهم سخيّة أكثر من أيديهم. يعرفون شعور الخذلان والجحود فلا يكونون سبباً فيه لشدّة نبلهم. يحتملون ظلامك وخسوفك مهما طال، لأنه يعرفون أنّها غمامة سوداء وستزول.. وأنه مثلما أسعدهم نورك الذي أضاءهم وشعّ من حولك حين اكتملت من قبل، ستسعدهم وتضيئهم مرة أخرى حين تكتمل مرة أخرى. ويعلمون أن المعروف لا يضيع عندك أو عندهم دون الحاجة لقطع أي وعود. يمسحون دمعتك ولا يكونون سبباً فيها، ويضحكونك ويسعون أن يكونوا سبباً لها. أعرف هذه الجواهر التي في حياتك، ونقّب عنها جيداً وضعهم في عينيك وقلبك وروحك. وأدعو الله دائما أن ينجيك من (الفالصو) الذي على قلّته، ولا ينشد فيه الظهر، ولا ينفع لا بالرخاء ولا بالشدة.. والله يجيرني ويجيرك من أذاه وضرره.

إذا لم تثق بالطبيب الذي يعالجك، غيّره. نعم بكل بساطة أطلب تغييره أو أذهب إلى غيره. إياك أن تصمت أو تمرر أو تتجاهل أي إساءة لك.. في الحياة عموماً وفي أثناء علاجك على وجه الخصوص. السكوت عن الظلم وتجاهله يجرّء الظلمة على استمرارهم في الظلم.

لا شيء مثل العزلة والضعف والحزن والفقد والمرض سيعلّمك المعنى الحقيقي للصبر والتصبّر، ويعلّمك معنى (غسلة اليد) في كل شيء ومن كل شيء.. ويعلّمك معنى القوّة، فكيف إذا اجتمعت مع بعضها لأكثر من 3 سنوات! ستنجح في مساعدتك على إبصار نفسك، ومن حولك بشكل لا تستطيع تخيّله! ستنخلك وتنخلهم بمنخل الدقيق.. ستُريك حقائق وسرائر من حولك بتجرّد كما هي، ستسقط كل الأقنعة ولن يبقى سوى الحقائق. سيقف ويبقى معك من يحبك لأجلك أنت، دون أن يريد منك أي شيء، فقط لأنك كإنسان وروح تعني له بصدق ويحبك لأنك أنت.. أنت! ستعرف الإنسان فعلاً وكذلك الحيوان.. ستعرف الأسود والأحصنة والذئاب.. وستعرف الأفاعي والغربان والجرذان.. لأنه حتى الحيوانات مقامات! ستختبر الحياة مبادئك وقيمك التي تؤمن بها، وهم كذلك! ونتائج هذه الاختبارات هي ما سيجعلك تعيد تشكيل حياتك، وتغربلها دون أي تردد أو تهاون، بل بجسارة وقوّة لم تكن تعرف أنك تملكها من قبل.

ستُخذل من الكثير وستكتشف اللئام من حولك، ستدرك أنهم كانوا واضحين ومرئيين منذ البداية. لكنك كنت إنساناً مراعياً ومهتماً أكثر من اللازم معهم، وأفرطت في منحهم الفرص! سيحاسبك الجبناء والضعاف والمقصّرين بواجباتهم على أحقيتك بالغضب، ستصبح عدوانياً وشرساً وأنانياً وسلبياً وساماً وطويل لسان بنظرهم! سيشكك ويكذّب المتلاعبين بإدراكك ووعيك وعقلك وأخلاقك وضميرك وفهمك لهم ولما يدور حولك.. فقط لأنهم لم ينجحوا بخداعك. ولأنها وصّلت معك، وتشجعت وتجرّأت على المواجهة ودافعت عن نفسك وعملك وصحتك وفكرك ومالك وجهدك ووقتك، دون أن تخشى أو تخاف من خسارة أي شيء.. ستصبح عدواً وأنت أوفى صديق، وظالماً وأنت صاحب حق.

في المقابل سيسّخر لك الله خلقه وعباده، بل حتى جماداته من حيث لا تعلم في سماوته وأرضه! سترى كيف يحملك كل من حملته أو حملك، أو من لم يحملك ولم تحمله، صغيراً أو كبيراً، بيديه وعينيه وقلبه وروحه ودعاءه وحبّه وما يملك. سيفاجئك الأصدقاء الذين تعرفهم والذين لم تكن تعرفهم، باهتمامهم ومساعدتهم ومساندتهم لك دون حتى أن تطلب! سيزورونك الموتى الذين يحبونك ليمسحون على رأسك ويخبرونك أين ستجد دواؤك وشفاؤك. سيفاجئك من يساعدك، بالدعاء لك وبإخبارك أنّك أنت من كنت تساعده وأن الله سخّرك له ووضعك في طريقه! فتبدأ تتشهد وتذكر الله وتحمده الذي له في كل خلقه شؤون، والذي جعلك سبباً في تفريج همّ الكثير وأنت عاجز ومترنح.. ليسعى الله العظيم العزيز الكريم بنفسه في حاجتك! وليعّلمك كيف (فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ). 8 سورة فاطر

لم أشارك هذه الرحلة إلا لتوثيق نهايتها، بفضل من الله أنا بصحة جيدة اليوم، وبظهر مستقيم رغماً عن كل طبيب محبط ويائس. ولأنبهك على ضرورة الإنصات لجسدك، والإعتناء بنفسك جسداً وروحاً وعقلاً ونفساً وفكراً. لم أكتب كل شيء مررت به وعشته، قبل البدء بالعلاج أو خلال الأربع عشرة شهراً الماضية. لم أنس أي شيء، ولن أنسى! لا السيء ولا الجيد فيها.. أبداً لن أنسى.

شاركت الذي أستطيع مشاركته لأقول: أنه مهما كان ما تعيشه صعباً، لا بأس في أن تظهر ضعفك وتشاركه مع من تأمنه عليه ليقويك وقبل كل شيء أن تظهره لربك لتقوى به. إن حاول وتجرّأ أي مخلوق على أذيّتك أو التقليل والانتقاص منك بأي شكل. تذكّر أن الله نفخ فيك من روحه، ولم يحييك لتظلم نفسك أو تقبل عليها الإهانة. أنقذ نفسك فوراً.. وحاول أن تعيش وتنبت وتحيا لأجلك فقط. كرّس وأعمل بكل ما وهبك الله إياه من نِعم لزرعك ونخلك ونباتك. وأجعل من ظلها الباسق (سنديانتي العتيقة المعمّرة) حلماً بعيد المنال، لا يستطيعون أو يجرؤون على التفكير به.. فكيف بالوصول إليه!

ومرّةً أخرى.. مع اكتمال القمر المنخسف أقول: لا تقبلين القِلّ وأنتي كثيرة!


اكتشاف المزيد من عائشة على القمر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

6 ردود على “رحلتي مع العلاج الطبيعي🩻💪🏻 ١٤ شهر من الألم والإصرار والأمل..!🧘🏻‍♀️✨”

  1. صورة أفاتار مريم بازرعة
    مريم بازرعة

    لا بأس عليكِ يا عائشة وطهور إن شاء الله.قرأت المقالة من الجوال وأنا طالعة من عند دكتور عظام قرّر لي عملية في الكاحل تحتاج بعدها التزام ٦ أسابيع بعدم الوقوف على القدم. Sent from my iPhone

    Liked by 1 person

    1. صورة أفاتار Aeshah
      Aeshah

      هلا مريم..
      الله يسلمك ويحفظك
      ربما هذه التدوينة بشارة وفأل حسن لك بالشفاء!
      قدامك العافية وما تشوفين شر يارب

      إعجاب

  2. صورة أفاتار baa7r

    الله يملأ حياتك بكل الخير والحب يا عائشة، شكرًا على كل حرف كتبتيه في هذه التدوينة، كل كلمة صادقة، قوية ومُلهمة.. وسعيد بأنكِ بخير حالٍ اليوم، أرجو لك دوام الصحة والعافية. شكرًا مرة أخرى، ولو أنّ عندي اعتراض صغير على تسميتكم الحلوى اللطيفة طرمبة!! لكن عوافي

    Liked by 1 person

    1. صورة أفاتار Aeshah
      Aeshah

      وإياك يارب 🙏🏻
      شكراً يا بحر على كلامك الطيب جزاك الله كل خير ، والله يجعل في كل ما كتبت فائدة ونفع لك ولكل من يقرأ✨
      ههههههههههه هذا إسمها الشائع في الغربية ورغم استنكاره وغرابته إلا إنه لا زال متداول حتى هذه اللحظة😅🤷🏻‍♀️

      Liked by 1 person

  3. صورة أفاتار حروف

    الحمدلله على سلامتك
    وأشكري الله على نعمة ،إيمانك قوي وعزمك أيضاً مثابرة وصابرة ،أنت مثالا يحتذى بة في الصبر والأمل بالله ،أسعدك الباري ووفقك وأمتعك بالصحة والعافية طول عمرك

    Liked by 1 person

    1. صورة أفاتار Aeshah
      Aeshah

      الله يسلمك يا حروف🌹
      بالطبع شاكرة وحامدة لله على كل نعمة أنعم بها علي ما ظهر من النعم وما بطن، في كل لحظة وثانية، ومهما شكرته لن يبلغ الشكر والحمد منتهاه!
      وإياكم يارب على طاعته وعبادته
      أهلاً بك.

      Liked by 1 person

اترك رداً على حروف إلغاء الرد

اكتشاف المزيد من عائشة على القمر

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على تنبيه بكل تدوينة جديدة فور نشرها على بريدك!

مواصلة القراءة