سبعة أدراج من الخزينة.. خزينة!؟ هذه هي الكلمة التي لفتت انتباهي حين أمسكت الكتاب بيدي، وأول سؤال سألته لنفسي حينها: لماذا خزينة وليست خزانة؟؟
حصلت على الكتاب بطريقة غير اعتيادية، بالنسبة لي على الأقل! بعد أن حضرت بسبب الملل؛ جلسة أدبية قدّمتها مؤلفة الكتاب عُلا حمادة ضمن إحدى فعاليات الشريك الأدبي التي تقيمها المقاهي في السعودية بالتعاون مع هيئة الأدب والنشر والترجمة. حدث الكثير في تلك الجلسة التي تعمّدت أن أُعرّف نفسي بها بكلمتين فقط (عائشة، مُدوِنة). اكتشفت في ذلك اليوم العديد من النقاط والقيم المشتركة بيني وبين هذه الإنسانة المجتهدة مما جعلني أٌقرر الحصول على كتابها فور حديثها عنه.. وفعلت.

7 أدراج من الخزينة.. كتاب خفيف يتكوّن من 63 صفحة، من تأليف عُلا حمادة ونشر دار الطاؤوس. تلخّص الكاتبة فيه حصيلة سنوات من القراءة لكتب متنوّعة في إدارة وتطوير الذات والعديد من الدورات التدريبية التي حضرتها في سبعة فصول أو جوانب كما أسمتها. هذه الجوانب ستساعدك في فهم نفسك ومعرفتها بشكل أكثر عمق، وستساهم في تطويرك، وجعلك كروح أكثر سمواً ورُقيّاً كإنسان وكمسلم.
هذه الجوانب جاءت بالترتيب التالي: (الذاتي، الشخصي، الفكري، العاطفي، الاجتماعي، الأسري، والروحي). الجانب الذاتي، الشخصي والروحي هي أكثر ما خُصص له مساحة كبيرة من الكتاب، ويبدو جليّاً أنّ اهتمامها وبحثها مرتكز ومكرّس على هدف فهمها لنفسها وذاتها ومعرفتها لدواخلها بالمقام الأول، وهذا الصدق استطعت لمسه في كلماتها وأفكارها مما انعكس بشكل صادق على الكتاب.

العجيب أنّ هذا الكتاب ظهر في حياتي بعد أن رسّخت مبادئي التي امتُحنت كثيراً مؤخراً وبعد أن حددت قيمي الشخصية لهذه المرحلة. كتبت عن الأمر هنا (رحلتي في ترسيخ المبادئ وتحديد قيمي الشخصية). قراءته كانت كهديّة لي من الحياة ليساعدني في الوقوف بثبات! وهذا يؤكد على أمر أؤمن به: “لا نختار الكتب التي نقرأها، بل كثيراً هي من تختارنا”.
الكتاب لغته واضحة وسهلة القراءة وخفيفة، خالي من التعقيد والفذلكة، ولأنه يعتبر خلاصة تجارب ومختصر للغاية فهو برائيي مناسب جداً لمن هم في فترة الدراسة الجامعية إلى أقل من ثلاثين سنة، بما أن معظمهم مبادئهم وأفكارهم مهزوزة وهشّة وفي فترة حيرة عن دواخلهم وذواتهم. بإمكانك أن تنهيه بجلسة واحدة إلا أني لم أفعل هذا، بل بعض الفصول أعدت قراءتها أكثر من مرّة لشدة عمق الأفكار في الجانب الذاتي والشخصي والتي جعلتني أسرح وأفكر بها كثيراً.. ربما لأني كنت أقرأ كتب من ذات النوع في نفس الفترة الزمنية فأحببت تناول الأفكار التي تشغلني من أكثر من مصدر.
أحببت قراءة جميع الجوانب ومعظم ما جاء فيها، فيما عدا الجانب الأسري! الذي جعلني أكتب تحت كل سطر منه تعليقاً عليه، خاصّة فيما يتعلق بالعلاقة الزوجية. معظم ما كُتب تحت هذا العنوان هي نصائح ووصايا لا أجدها تناسب العيش في هذا الزمن، تضع حمل نجاح العلاقة الزوجية والأسرية على صبر المرأة ومقدار تحمّلها. وزمن البيوت التي تبنى على صبر الأمهات انتهى، فسامحيني يا عُلا.
بنهاية الكتاب وضعت الكاتبة مجموعة من الأسئلة تساعدك الإجابة عنها في تحديد هويّتك، تنمية فكرك وتحسين قراراتك، والأهم معرفة من أنت حقاً؟؟!

هذه مجموعة من الإقتباسات من كل جانب من الجوانب، أشير إليها بحسب ترتيب الفصول في الكتاب:
- “إن احترام الإنسان للإنسان معناه احترام شخصه وحفظ حقوقه ومراعاة خصوصياته وتقدير ذاته؛ لأنه يستحق التقدير، وهذا من الركائز الأساسية لقوام الحياة المعنوية للناس.”
- “حين تملك الصدق لن يكون بينك وبين المستمع حواجز.”
- “لا تعط مجالاً لعقلك بالتفكير أكثر من اللازم، لا تجعل العقل يحلل، وفي نفس الوقت لا تكن غبيّاً لا تفكر أبداً.”
- “لكي تحارب الخوف تصرّف وتحرّك، لكي تزيد الخوف انتظر وأجّل وسوّف.”
- “لا تقلل من شأن التصرفات المهذبة البسيطة مثل احترام المواعيد، إننا بمثل هذه الأشياء البسيطة نعترف بأهمية الطرف الآخر.”
- “لن تجد الراحة الأبدية والمتعة الأزلية إلا في الجنة.”
- “رؤيتك للحياة تتطابق مع سلوكك وعملك فيها، وأن الدين لا يسكن على رفوف الكتب ولا في رأسك فقط، بل مكانه الحقيقي يجب أن يكون فيما تفعله وما تنتجه، في أن تؤدي ما خلقت من أجله على الأرض.”
بعد أن أنهيت القراءة عرفت لماذا خزينة وليس خزانة؟ الخزينة هي المكان الذي تحفظ به ممتلكاتك الثمينة والغالية وتكون مخفيّة عن الأنظار، والخزانة: هي الدولاب الذي يحتوي على أرفف ويكون على مرأى الجميع. فالخزينة بالعنوان هي الكنوز التي بجعبة عُلا من أفكار وخبرات، والسبعة أدراج عرضت بها على القارئ بعض مما في هذه الخزينة. تقييمي للكتاب 4 من 5.



أضف تعليق