إنهم يقتلون الجياد.. أليس كذلك؟

لمن تعثّر بهذه التدوينة بسبب عنوانها، أود أن أحفظ لك وقتك وأقول إنها ليست مراجعة للرواية التي بحثت عنها.. (لا أعلم حقاً ربما تجد ما تبحث عنه)، بل أعجبني عنوانها وبقي عالقاً بذهني منذ أول مرة سمعت هذه الجملة ولأني اتأملها منذ وقت لآخر وددت أن أكتب عنها.

هذه الرواية بقت في قائمة الكتب التي أنوي قراءتها لمدة طويلة دون أن يخطر ببالي أن أبدأ بها. إلى أن سمعت مصادفةً قبل عدة سنوات في لقاء مع باسل خيّاط مع بروين حبيب يذكر به اسم الرواية وأنّها من كتبه المفضلة، فدفعني فضولي لأبدأ بها فوراً ففعلت.

مع كل صفحة أقلبها شعرت بثقل التعب من الوقوف والرقص المستمر لأبطال هذه القصة في عظامي، بل كنت أمسّد على قدمي خوفاً من الشد العضلي دون أن أتحرك! أبطالها الحالمين المعدمين، كل ما يريدونه هو مستقبل أفضل، الذين كانوا يرقصون على حلبة رقص لمدة غير معلومة، في مسابقة مارثون رقص يفوز بها من يبقى واقفاً إلى أخر لحظة دون أن يسقط الأهم أن يبقى يتحرك داخل هذه الحلبة، حتى لو كاد الألم أن يقتله يتحمله ويدفعه لظلم نفسه دون أن يشعر لأجل الفوز بألف دولار. حتى لو سقط بعد أن اطمئن أنه بقي واقفاً وحده أخيراً دون أن يتوّج ويفرح بنصره. شعرت بالاختناق مع لهاثهم المستمر لأجل البقاء في المنافسة، وكأنه صراع بين حيوانات الغاب يفترس فيه كل شخص الآخر ويكتفي مصورين الوثائقيات بتوثيق ما يحدث دون أن يتدخّل أحد.

أفكر كثيراً بدوافعي حول فعل أي أمر، وإذا ما وجدت بنفسي شي يلوثني بشوائب تعكّر صفوي بشكل يمنعني من معرفة نفسي؛ أسعى في فلترتها دون تردد. لا أحب أن أقول ما لا أفعل، ولا أحب توزيع الآمال الواهمة، لا أحب هذا الثقل في روحي وشعور الأسى الذي يتجدد بي مع كل خيبة أمل.

أفكّر بحصان الفارس خالص كورتاش والذي كان اسمه (بولدي) وفاز به بمسابقات عديدة، ولم يتوان هذا الحصان حتى وهو مصاب من أن يكون شجاعاً كاسمه إلى آخر لحظة.. إلى آخر سباق.. قبل الرهان ولم يرض إلا بالفوز، حتى لو سقط بعدها.

على حلبة الحياة هذه.. لا شيء يستحق الصراع.. لا شيء. في حياتي لا وجود للحلبات .. أرض منبسطة وممهدة جيادها حرة طليقة.

كل هذا الصراع لا جدوى منه، إنهم يقتلون الجياد.. أليس كذلك؟


اكتشاف المزيد من عائشة على القمر

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

أضف تعليق

اكتشاف المزيد من عائشة على القمر

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على تنبيه بكل تدوينة جديدة فور نشرها على بريدك!

مواصلة القراءة