التصنيفات
غير مصنف

عيشني ثواني

Annie Soudain

قضيت الفترة الماضية مستغرقة في كتابة الرسائل التي لن تصل، وهنا شيء ملفت بخصوص الوصول؛ الذي لا يضمن لك أن رسالتك وصلت حتى وإن أُرسلت. وهذا يعلمك ألّا تعتمد على فهم واستيعاب الآخر لمعنى ما تقول حتى وإن كان واضحاً خالياً من الرسائل المبطنة. وهذا يذكرني إلى أي حد لا أحب اللف والدوران ليس لأني لا أتقن هذه الأساليب، بل أني ماهرة بها أمام من يظن أن فهمي قاصر ومحدود وكم أحب المفاجئات في هذه الحالة. لا أحبها لأنها تذكرني بالجبن وإذا لجأت لها فهذا يعني أني في قرارة نفسي لا أؤمن بما أود قوله ولا أصدّقه. فيصبح الوضوح أكثر قيمة لي لأنه يعني أني وصلت لبر السلام مع نفسي وصدقت معها قبل أن أصدق تجاه الآخرين.. خاصّة فيما يشترط الوضوح به.

إحدى هذه الرسائل كتبتها لصديقة تبادلت معها الرسائل الورقية كثيراً وبقراءتي لرسائلها آخر مرة رأيت بها ما لم أره من قبل.. لم تكن كل تلك الرسائل لي وإن بدأت بـإلى عائشة وبعد. كمن كان يكتب لنفسه ما يود من الآخر أن يقوله له فقط ليشعر أنه ليس وحده في هذا. فكرت بإعادة كتابتها بخط أوضح وأن أضعها بظرف وأرميها بأحد صناديق البريد لأرى ماذا ستفعل حين تصلها. لكن لا أملك أي طاقة لفتح هذا الباب الآن، وأشعر بها تدفعني لهذا الأمر لأنها تعلم جيداً أني لن أضع الفاصلة مكان النقطة أبداً. وضعت رسالتك في مكان آمن، ربما الآن هو الوقت المناسب لكتاباتها لكن حتماً لن أرسلها، سأخبرك بما فيها حين أراكِ قريباً.. لا موعد بيننا لكنِّ أشعر أنه قريباً، وأرجوكِ كفِّ عما تفعلين.

يا حكاية عمر بحالو .. أوهبلك عمري ومالو !!!

كنت أتابع أحد المسلسلات القديمة التي تعمل دائماً بالخلفية وتضعني في فترة زمنية كانت للهواء رائحة مختلفة عن رائحته الآن. فغنت إحدى الشخصيات أغنية عيشني ثواني فشعرت أني أود أن أسمعها ففعلت، وحين وصلت بالأغنية لجزء يا حكاية عمر بحالو تذكرت لماذا لا أسمع أغاني عربية كثيراً منذ مدة تعدت العشر سنوات بكثير. وإن سمعت لا أسمع أي أغنية تحرّض بشكل مباشر أو غير مباشر على الضعف والذل والمهانة والاستسلام والتعلق والكثير من المعاني السامة التي أنقذت نفسي منها لأنها ليست ذوقي ولا أستسيغها ولم ولن أحيط نفسي بما يغذيها بهذا السم. لذلك يا حكاية عمر بحالو لن أوهبلك عمري ومالو لأن الحكاية حكايتي والعمر عمري .. قال عيشني ثواني قال.. وقال ومالو قال.

أفتقد الخفة التي ذكرني بها هذا المسلسل، إذا ما أردت أن أوصف تلك المرحلة العمرية بإمكاني أن أقول إني عشت اللحظة بأكملها. ولهذا أستطيع أن أضع نفسي في ذلك العام بطرق عديدة واستمر بفعل ما أفعله. فقط لأتذكر كيف عشت كطائرٍ حر لا حدود له.. وكأني أود أن أتعلم الطيران مجدداً. لدى والدي العديد من الطيور، وفي يوم ما رأيت حمامة تقف على سلك تتأرجح دون أن تكترث بما حولها، تحتها حمام يتدافع على الأكل، وبجانبها حمامتين تتعاركان على أحد البيوت وتدفعان بعضهما خارجه باستمرار في محاولة سطو سيفوز بها الأقوى بينهما. فصورتها فيديو لأني شعرت أنّي لو كنت حمامة حتماً سأكون هذه الحمامة ورغماً عن كل ما يحدث حولي سأستمر بالتأرجح ولن أوصل الرسائل.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s