التصنيفات
غير مصنف

لا أحب المفاجئات

في البدء هذه تدوينة لختام عام 2022 كما اعتدت على ختام كل عام بتدوينة خاصة به. المميز بهذا العام أنه مر بشكل سريع لا أكاد استيعابه. في مثل هذا اليوم من العام الماضي كنت ألتقط صوراً سخيفة مع شقيقي واليوم أكتب وأنا مسترخية والمطر يهطل ورائحته تنعش روحي وتسقيها وقلبي يرقص أسرع من أصابعي التي تنقر على كيبورد لا يحمل حروفا عربية.

في هذه المرة سأعنون أحداث هذا العام بعناوين مختلفة لعلها تنجح كوصف مختصر لكل حدث. وللتذكير هذه التدوينة لا تحتوي على موضوع أو فكرة محددة ما هي إلّا تدوينة لتوثيق بعض ما عشت فإذا كنت تبحث عن شيء به فائدة لتقرأه فلن تجده هنا أو ربما تجده.. لا أعلم حقاً لكن أكثر من كذا وضوح مافي .. لنبدأ.

لا أحب المفاجئات

أبحث في كل ساعة عن عنوان المقالة العلمية التي وصلني قبول نشرها من مجلة مرموقة دون أي ملاحظات أو تعديل على كتابتها في أول هذا الشهر.. لا أعلم لماذا أبحث عنها وهم سيرسلون لي رسالة ونسخة منها على بريدي عند نشرها! ربما هذا لأني لا أحب المفاجئات وأحب الاستكشاف وأود أن استكشفني لا أن يفاجئني أحد بي. إنه أمر يستحق الاحتفال لكن احتفالي لم يستمر لأكثر من خمس دقائق. حين بشّرت أبي وأخبرته أني تفاجئت من قبولها دون تعديل لأنه أمر يندر حدوثه وقف ونظر إليّ: “يا بنتي إنتي كتابتك راكزة وجيدة ليش تتفاجئين؟ أنا مو متفاجئ بالعكس هذا أقل شي تستحقينه” أبي لم يقرأها لكنه يعلم أن الإتقان قيمة مهمة لدي في كل ما أعمله وإما أن أعمل الشيء على أكمل وجه أو أتركه، كوني لا أحب أن أدّخر أي جهد وأنا قادرة على تقديم الأفضل. ولأنه يعرفني جيّداً يذكرني دائماً أني لن أعجز إلّا على ما لا أريد فعله عدا ذلك كل أمر ممكن. أظن أنّه عليّ أن أضيف لقائمة أهداف العام الجديد (تعلّمي كيف تحتفلين).

إذا أخذ منك الموت شيئاً رده إليه

العنوان السابق لكتاب نايا ماريا آيت أحببت أن أستهل به ما سأكتب، بالمناسبة أنهيت قراءته لكن لا أملك طاقة نفسية لكتابة المراجعة التي وعدت بها، سأحاول كتابتها قريباً لأني لا أحب أن أقطع وعود لا يمكنني الإيفاء بها. بقدر الألم الذي يتركه الموت على نفسك تبقى هي الحقيقة الثابتة في هذه الحياة، وأكثر ما أخشاه حول هذه الحقيقة هو أن أموت وأنا على قيد الحياة، أن أعيش أيامي وتعبرني وأنا مخدرة دون أن أشعر بها، أن يتعاقب عليّ الليل والنهار إلى أن أفنى دون أن أشعر بهما. هذا أكثر أمر أكرهه أن أزهد في العيش وأموت قبل أجلي.. وأحاول بكل ما أوتيت من قوة ألّا تأتي اللحظة التي أسأل نفسي بها وماذا بعد؟

أود فعل الكثير.. أود قراءة الأخوة كرامازوف ومدن الملح في ظروف مزاجية عالية لأستمتع بها. أود أن أعيش في الهند عدة أشهر قد تزيد، أود أن أحضر دروس في الرقص، أود أن أعيش في كوخ خشبي في الشتاء يدفئني الحطب ووشاح من الكشمير وأتناول كعك البرتقال والقرفة وأشرب قهوة وسحلب وشوكلاتة ساخنة وأكتب وأكتب وأكتب كما لم أكتب من قبل. أود صبغ شعري باللون الناري كشعر إلشين سانجو ربما بعد التخرج.. حتى أحرق بلونه كل ما تعلمت. أود إنشاء مشتل للزهور التي أحب وأصنع لكل من أحب عطراً خاصا به بحسب شخصيته. يوجد الكثير من الأشياء التي أود فعلها وأذكر نفسي بها في كل لحظة أشعر بها أنه لا جدوى من هذه الحياة كلها.. فبعد كل موت حياة، وسأحيا.

فلتحدث معجزة…

عِشت مدة طويلة وأنا أحمل يقين يخبرني باستمرار أني لست بحاجة إلى أيّ معجزة، يكفي أن أطلب ما أريد بصدق ليكون ويحدث. كنت أرغب بمعجزة وأخبرتني الحياة أني المعجزة. كم هو غريب أن يحدث كل ما أردت كما أردت بدونك، أن تقف متفرجاً على المشهد وكأنه لا يخصك، أن ترى كل التفاصيل مجسدة في الصورة أمامك، وأن يكون قدرك أن تحمل الكاميرا بعينيك لتلقط صورة كاملة لا مكان لك بها مبتسماً وأنت تقول لنفسك: كنت أظن أني جزء منها واليوم أنا لا أشعر بالانتماء لها على الإطلاق. كأن تتجول في متحفٍ ما بين اللوحات، تقف لثواني أمامها تحاول أن تقرأ ما تقوله لك، ثم تقرر أنه ليس من الضروري أن تفهم فتومئ برأسك أمامها وتمضي.

أستطيع أن أرى تلك الصور تلوّح لي وتقول لي بصوتٍ عالي تعالي فأتعالى ولا أجيء لأنه لم يعد مكاني. مكاني الذي فقدته منذ أعوام كثيرة وانتحبت لخسارته كثيراً اليوم ابتسم والطمأنينة تملأ روحي وأنا متيقنة أن كل ذلك الحزن لم يكن لأجل خسارة المكان، بل لأني أضعتني وخسرتني دون أن أنتبه. فاختبأت هذه الخسارة الحسية تحت رداء الخسارة المادية، وخوفاً من الاعتراف بها فضّلت دفنها عميقاً لأحاول أن أستعيد مكاني والذي جاء إليّ دون عناء حين أدركت أني أضعتني وسط الزحام ووجدتني مجدداً فيه بدون تعالي.

ابن الوز عوّام ..

كل اللحظات التي أدّعيت بها مساعدة أمي بالمطبخ بعد سؤالها: أساعدك بشي؟ ثم أقفز لأجلس على الطاولة قبل أن تجيب، لأراقبها وأتحدث معها أثمرت بتذكر الكثير من الوصفات اللذيذة التي لم أكن أعلم أني أتقنها جيداً في رأسي وبالطبع لا مانع من إزعاجها للتأكد من الوصفات. أحب الأكل على الرغم أن أكلي كالعصافير، وكم أرغب بأن أعمل كذوّاقة يوماً ما، لا أتشرط فيه فيما عدا إزالة بعض الخضار التي نشأت لدي فجأة حساسية منها مثل الذرة والفلفل الرومي ونظافة الوجبة، وخلوها من (اللغاويص). لم أجد كلمة مناسبة لوصف إفراط استخدام الصوصات والزيوت والبهارات إلى أن يضيع طعم الوجبة ولذلك علاقتي ليست جيدة مع معظم المطاعم ولا أكل طبخ أي أحد.

كل هذه الانتقائية لأني نشأت على الأكل اللذيذ والنظيف والصحي ولا أستطيع أن أصف كم العذاب الذي شعرت به خلال العام والنصف الماضي لكوني أكره الطبخ كرهاً شديداً ومضطرة له لأني لا أحب أكل السوق. لا زلت لا أحب الطبخ وما أفعله لتقبّل الأمر هو التجهيز المسبق للوجبات في نهاية كل الأسبوع مع الحرص على إبقاء شعار لا للغوصة ولا أطلب إلا ما أعجز فعلا عن طبخه. زاد اهتمامي في جودة ما أكل بعد ما خارت قواي وسقطت من طولي في مايو لأكتشف أني لا أعلم كيف كنت أقف!؟ فنسب الحديد والكالسيوم وفيتامين د وفيتامين ب12 ومخزون الحديد كانت تستنجد ولم أكن أعلم! المضحك أني كنت أتناول مكملات وقتها فالإنهيار حدث وأنا على المكملات فكيف إذا لم أكن أتناولها.. لا جديد كل ما يحيط بي ساخر دوماً.

لست اسفنجة.. بل أنا شمعة لا أبالي

في الوقت الذي تكون فيه منغمساً ومنشغلاً ومهتماً بك وبشؤونك قد تصادفك بعض المعيقات، كأن تعبر من أمامك عاصفة رملية تحجب عنك الرؤية وتعيقك، أو تجد في طريقك مستنقعاً مائياً راكد مليئاً بالوحل يحاول أن يبتلعك. هذه العوائق لا تعلم أنك تجيد المشي مغمضاً العينين مفضّلاً ظلام الطريق المجهول على الصورة المشوهة التي قد تراها. ولا تعلم أنك معتاد على المياه الموحِلة ولعبتك المفضلة هي القفز من فوقها. النور حولي، والذي يضيئني أنا وطريقي، قد يمتد نوره لمن يجاوره. لكنه بالتأكيد سيتحول لقبس يحرق به كل من يحاول أن يُخفته، ويجعله رماداً.

توقفت منذ وقت طويل جداً عن وضع نفسي في أماكن الآخرين أو الشعور بهم، لا سيما لو كانوا لا يحركون أنملة أو شعوراً أو مكانا لأجلي، أحرص حينها على الانتباه عليّ أكثر، قد يسرقوني مني دون أن أعلم. لقد وجدتني بعد ضياعٍ استمر طويلاً. أنا لست إلهاً لأقترب ذراعاً ممن يقترب مني شبراً، من يقترب شبراً أقترب منه شبراً ومن يبتعد عنّي شبراً أبتعد عنه ميلاً. الشراهة بشعة، ليست في الأكل فحسب، بل في كل شيء.. الأخذ المستمر دون بذل يجعلك كمستودع مهمل، مكدّس مليء بالخرداوات، يجمع الغبار فيه على كل ما يحتويه دون أن يكون لديه فكرة عمّا يحتويه.

!Good Afternoon

لن تكتمل التدوينة بالطبع دون توصيات لمسلسلات أو أفلام رافقتني هذا العام. تعثرت بمسلسل The Nanny وشاهدت منه للآن ثلاثة مواسم أتريّث بمتابعة المسلسلات الكوميدية القديمة لأنها تضحكني وعلى ذوقي أكثر من الجديدة.. لمن يظن أن ضحكة جانيس فريندز ابتكرتها ممثلتها كما تقول أظنها تكذب فحين سمعت صوت مس فران علمت فوراً من أين حصلت عليها.. لم يكتفي فريندز بسرقة الكثير من حلقات ساينفيلد لكن حتى ضحكة جانيس سرقة! عيب عليكم.

لم أشاهد الكثير من المسلسلات هذا العام لكن اعتدت على مشاهدة مسلسل سوري جديد في كل ديسمبر. على مضض تابعت عدة حلقات من ستيليتو وتوقفت لأنه ليس ما أبحث عنه. أبحث عن شيء كئيب وسوداوي مثل الغفران وقلم حمرة والندم.. فأصبحت أتابع بعض المشاهد منها وأتنقل بينها. وأود أن أشارك حبي وهوسي الشديد بهذا المشهد من مسلسل قلم حمرة من الدقيقة 7:08 إلى الدقيقة 10:44،  الله يا يم على هذه الكتابة .. الله يا حاتم على هذا الإخراج.. الله يا سلافة ويا رامي على هذا التمثيل.. والله يا محمود نصر ليس له علاقة بالمشهد لكن على إتقانه لدوره في الندم وعلى وجوده بهذه الحياة.

نأتي للفيلم الذي سأخبرك أن تترك كل ما يشغلك في هذه اللحظة لتبدأ بمتابعته واعتبره ختام رائع لهذا العام وهو الفيلم الموسيقي Spirited لا تشاهدوا إعلان الفيلم شاهدوه على الفور أعجبتني الحكاية والتصوير والتمثيل والأغاني.. الفيلم ساخر وأضحكني جداً وبالطبع لكم جميعاً أقول Good Afternoon ^_^.

شتاء

سأشاهد الآن حلقة شتاء من عيلة سبع نجوم.. التي هي جزء من روتين فصل الشتاء بالنسبة لي وأشعر أن البرد يتضاعف أثناء مشاهدتها أحب كل ما يجعلني أنغمس فيما أحب أكثر. اعتنوا بأنفسكم وصحتكم وتدفئوا جيّداً. سأشاهدها وأنا أشرب قهوة في هذا الليل على غير ما اعتدت لإحياء طقوسي الشتوية ولإحياء دفء حلم وددت أني لم استيقظ منه. كما يتضح أني أجيد تصوير السماء أكثر من أي شيء لا أحتاج كل هذه الأدلة لأتأكد أني لست من الأرض.

شكراً لكل من تحمل هذا الفيلم للنهاية .. وعلى تواجدكم وقراءتكم المستمرة لجديد وقديم المدونة كل عام وأنتم بخير جميعاً. أرجو أن يكون عامكم القادم أفضل من الذي مضى .. وأرجو أن تكون 2023 أفضل مما أتوقع.

!Happy New Year

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s