نويتُ أن أقضي هذه الليلة في القراءة تحت ضوء القمر، لكن فتنتي السماء فوضعت الكتاب الذي بيدي جانباً، وصرت أمشي رافعةً رأسي نحوه مُعلّقةً عينيَّ في السماء. شيءٌ ما يجذبني للأعلى.. لا أعرفه وأوشك أن أمسِكه، إذا نجحت ربما سأبطل جاذبية الأرض لكن منعني من الوصول إليه صوت والدي وهو يقول في عقلي “طالعي قدامك.. لا تطيحين” فنظرت أمامي وأضعته.
في محاولة جديدة للبحث عنه، رأيت هذا المنظر وشعرت بأني رأيته من قبل… متى؟ لا أعلم. لكنِّ متأكدة أنّي أألفه.. لا يهم. التقطت هذه الصور كي أوثّق تجاور القمر والمريخ والسحاب في سمائي. صرت أراقب تحركه البطيء عبر السحب وكأنه يعبر جسراً إلى المريخ (النجمة البرتقالية في الصورة) بينما الحقيقة أن الجسر هو من يعبر من فوقهما والمسافة بينهما لا زالت ثابتة لم تزد أو تقل. رقبتي تؤلمني، وفي الوقت الذي بدأ الوخز ينقرُ على فقراتها بشدّة قلت لنفسي لماذا لم أحضر سجادة اليوغا معي لأستلقي دون أضع حمل هذا الجمال عليها. ربما في المرة القادمة.. الآن سنوثق هذا السفر، هذه الرحلة تنطلق من اليمين إلى اليسار وكأنه ينقلهما من ضِفةٍ إلى أخرى.. ما أرق هذا السحاب وما أخدعه. أرى القمر يمدُّ يده اليسرى، والمريخ يمدُّ يده اليمنى، والسحابُ بينهما يلعب دور السراب بجدارة. وما أن يعبر وتتضح خدعته.. يبدأن بإنشاء جسرٍ من الليل يوصِل بينهما.
كل هذا وصوت جارة القمر يصدح بصوتٍ عالي، وكأنه يرسل رسالة للمريخ مفادها: “اقترب كما شئت، أنا فقط من أكون جارته”. لا تهمني هذه المناوشة بينهما، فالحقيقة الأكيدة هي أني وحدي من أعيش على القمر، أرى زيف هذا السحاب، واستماتة المريخ على صداقتي، ومحاولة فيروز في الحفاظ على منزلها جوار القمر.
يرقُص ويِلعَب عالشَّجر
تاري القَمر .. غاوِي السَّهر
عشقان وبْقَلبو أسى
يا مِيْةْ مَسا
كم أحب جيرتها، لا سيما في الشتاء الذي لا يبدو حتى هذه اللحظة أنّه شتاء. المنظر من القمر على سطح جارتنا مبهج للغاية.. أخضرٌ ومزهرٌ ويضج بأصوات العصافير التي لا أعلم كيف أسمعها ولا يوجد هواء ينقلها إليّ! لكن كل شيء ممكن هنا فنحن فرشنا العشب وتلحفنا الفضا.. وجالسين على القمر.
عائشة على القمر 