التصنيفات
غير مصنف

پيرلنتا

مثل ما أنّ الحمّى لا تعرف موعداً لقدومها، تزورك لتساعدك في حرق ما تبقى في جسدك من أوراق جافة وأشواك يابسة، مع إضافة لقليل من الهذيان والترنح والرجفة والبرد والألم لتكتمل حفلة غير مخطط لها بزوار غير مرغوب بتواجدهم ويصبح الاحتفال أيّما احتفال! حتى إذا ما قررت بمنح وتوزيع الفرص تتذكر كل ما يراكمه الثقل عليك. هل ترغب بتكرار كل هذا مجدداً؟ لتحصل على نفس الرماد؟ لكن لم يبق لديك شوائب لتحترق.. فلا تمنحها.

كذلك هي زياراته مبهمة ومجهولة الأسباب لا أفهم لماذا جاء؟ وماذا يريد؟ ولماذا ذهب؟ أعلم شيئاً واحداً فحسب؛ أنّه في كل مرة يأتي بها.. يأتي ليلبّي نداءًا لم أتفوه به لجهلي بماهيّة هذه النجدة: “جئت لمساعدتك.. أريدكِ أفضل.. وذهبت لأنني اطمأننت عليك” ملاكي الحارس.. يحافظ على جذوة روحي ساكنة كي لا أفنى تحت رمادي.. شكراً لك.

*********

بعينين كالفنجان، لم أرهما منذ مدةٍ طويلة جداً.. لا أذكر كم مضى على آخر مرةٍ أمعنتُ بالنظر لتفاصيلهما.. رغم أنّي لم أراها جيداً لكنّها لم تتغير. لم تتغيّر البتة لا زالت تحمل نفس الفضول، الترقب، والكذب. الكذب الذي ما أن تنجح بإمساكه، تتسع بفضل دقة انتباهك حدقتيّ عينيه وتزداد حركتهما رغبةً بالهروب.. لكن إلى أين؟ الطريق مسدود. يوجد شيء يُطمئن في كل هذا الثبات، عينانِ قاومت التغيير بكل شيء؛ حتى حينما سرقت.. لم تتغيّر.

*********

إلى صديقي الذي لا يعلم إلى أيّ حدّ هو صديقي..

وبعد..

أوقفت البحث عن الأسباب، أزلت كل الأثقال عن كاهلي، تركت ورائي كل ما يأخذ من روحي وكنتيجة خفّت آلامي الجسدية، أعدك لن أحمل معي ما يثقلها. صفّرت الميزان وبعد البسملة بدأت من جديد.. هذا ما اعتدنا على فعله كل مرّة بعد التعب والسأم، أليس كذلك؟! احتجت أن أحيي الكلمات السابقة بصوتك وأوجهها إليّ لأقتنع بها. رغم أنني كررتها عليك كثيراً إلّا أنّي لم أعد استجيب لصوتي.. تخيّل! وكأنه يحتاج لعدوى انتهازية ما تنشط جهازه المناعي حتى اسمعني.. لكنِّ لست بهذه الحماقة حتى اختار هذا الطريق الوعر! وقلت ماذا لو سمعتها بصوته؟ الفكرة وحدها جعلتني أنفض كل هذا الثقل على الفور.. ياه كم اشتقت لشعور الخفّة هذا.

جدّ الكثير، فقدت بعض المعاني الحياتية واكتسبت بعضها. لا أعلم هل هو فقد أم تغيّر أم نضج؟ أم أنها آثار عودة زحل التي لا زلت استخف بها.. بربك يعني عشت مرحلة السادي ساتي ونجوت منها وأنا عود طري فمين زحل هذا المعلم الصارم اللي يفكر يوقف بوجهي.. تخيّل بس أني بسببه أجد صعوبة في التأقلم عليّ.. تخيّل.

لا زلت أسخر كثيراً.. إلى حدّ أني لا أستطيع مواكبة نفسي.. أُمسك الكوميدي الساخر الصغير الذي بداخلي بصعوبة جدا على الرغم أني متأكدة أنه سيجد طريقه يوماً ما. أفتقد لأحاديث المشي الطويلة معك.. اللعنة على كل هذه الأميال بيننا.

طابت أعوامك بكل خير

*********

ولأني أعلم أن القوائم الموسيقية تكشف الكثير عن شخصية الفرد، أخبئ أغانيّ المفضلة بحرصٍ شديد ومع هذا لا زالت خوارزميات اليوتيوب تخبئ لي المفاجئات! الغريب أني صرت استمع لها بتجرّد وكأني أحاول الإنصات بحواس شخص آخر ومختلف عنّي واسأل بماذا كانت تشعر في ذلك الوقت؟ لماذا هذه الأغنية؟ وهذا أمر يختلف عن الاستنكار الذي يأتي نتيجة لتطور ونمو الذائقة الموسيقية وقول: كيف كنت أسمع هذه الأغنية؟ ما أبحث عنه هو جوهر الإحساس الذي تحمله روح كل شخص فينا، قد يخبو أو يتلوث لكنّه كالألماسة أو كما يقول صديقي پيرلنتا pirlanta .. رغماً عن كل الشوائب؛ تبقى حقيقة اختباء الألماس وسط أكوام الفحم والطين ثابتة .. پيرلنتا.

*********

روائح الفواكه الاستوائية، الحمضيات مثل البرغموت والمندرين (اليوسفي) وبعض أنواع الورد والأعشاب اللاذعة نقلتني مصادفة إلى فترة ماضية من حياتي امتازت بالهدوء والدفء والانتعاش. وصفتني أمي في تلك الفترة بالبراءة.. وحين سألتها لماذا اخترتِ مفردة براءة بالتحديد؟ كانت الإجابة: “نظرة عيونك وقتها كانت مليانة براءة” كانت؟ والحين مليانة إيش؟ “ما أعرف.. مالقيت كلمة توصفها بشكل جيد، بس إنها مو عاجبتني .. مو أنتِ”. رائحة شامبو تجربه لأول مرة على سبيل التغيير فقط كفيلة بنقلك إلى وقت لا تذكر منه أي شيء لتبتسم لا إراديا فقط لأن الرائحة نجحت بانتشالك إلى شعور لا تذكره.. لبراءة اختبأت بشكلٍ ما تحت أكوام الفحم والطين.

*********

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s