التصنيفات
غير مصنف

كالسراب.. تتلاشى كأنّك لم تكُن

Paul Bond “In the Waning Days of the Solitudine”

من وجهة نظر الوقت؛ كلّما قلت المدة كلّما زادت قيمتها. لذلك يلعب الجزء من الثانية فارقاً مهماً في حسمِ فوز العدّاء في السباق، وذات الأجزاء حين تتحالف سويّة تكوّن ثانية كاملة قادرة على انتزاع جذور حلمك مهما امتدت. لا تدري على أيٍّ منهما ستبكي وتتحسر؛ على جزء الثانية الذي خذلك في تلك اللحظة وتسبب في خسارتك، أم على الثانية التي فضلت أن تنتهي كما بدأت، قاسية.. جافة.. بحركةٍ واحدة اقتلعت غدَك قبل أن يأتي.

لي نفس الجسد لم أتغيّر جراماً واحداً، وله نفس الجسد لم يتغير جراماً واحداً. لكِنَّ هذا الثبات الظاهري لم يقف بوجه التغيير ولم يمنعه، ذهب وتلاشى مع الجذور التي اُنتزِعت كما لو أنّه لم يتفرّع قطّ، ذهبتَ من مستوى رؤيته كشبحٍ لا يرى.. تكفيه نظرة خاوية وباردة ليختفي كأنّه لم يكُن.

ما هو الزمان؟ وما هو المكان؟ أيوجد بعدٌ يمتدُ فيه الزمن إلى ما لا نهاية.. وتستمر فيه اللحظة الآمنة الهانئة إلى الأبد؟ أيوجد بُعد يقصُر فيه الزمن وتعبُر فيه كل اللحظات المؤلمة كجزء من الثانية وتنتهي كأنها لم تكن؟

كفكرةٍ مُلِحّة، تظنّ أنّها حين تتكثف وتستمر بالنقرِ على عقلك، ربّما ستصل للثقب الذي بإمكانه أن يتحكّم بالزمن ويعود به للحظة الأولى، لتلك اللحظة التي بدأ منها كل شيء. ما الذي سيحدث إذا عُدتَ بالزمن؟ قد يكون بإمكانك أن تقلّص مساحتها إلى أن تنعدِم، فلا تعود تسمع صوت الهواء وهو يعثي خراباً في المكان.

تُمحى كأنّك لم تكُن، مهما أمعنت النّظر محاولاً بعينيك المترقرقة استمالة قلبه ليبقى لن يستجيب لك؛ حُسمَ أمركَ ولن يُبقي منك أيّ أثر. تفلِتُ كريشةِ طائرٍ مكسور الجناح واجهت تيّاراً بإمكانه تحقيق حلمها الأوحد؛ فطارت.

تعودُ وتنظر إلى الوقت ربّما بمروره سينقذك كما خنقك، ولا يُمكنك أن تفعل أيّ شيء سوى انتظاره أن يمضي.. قبل أن تمضي كسرابٍ لم يكُن.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s