التصنيفات
كتب

لم أنتهِ Unfinished

تدوينة اليوم هي مراجعة لكتاب لم أنتهِ Unfinished. الكتاب من فئة المذكرات ويتكون من إحدى عشر فصلاً تأليف الممثلة الهندية بريانكا تشوبرا جونز، صدر في 2021 ويقع في 256 صفحة ويتوفر بنسخة ورقية وصوتية على Audible باللغة الإنجليزية. تتحدث فيه بريانكا عن حياتها طفولتها عائلتها تعليمها وفوزها بمسابقتي ملكة جمال الهند والعالم، وبدايتها بالسينما الهندية، ثم تجربتها مع الغناء والانتقال للتمثيل في هوليوود وبدء مهنتها في صناعة جديدة من الصفر. عندما أعلنت عن كتابتها له استهزأ الكثير بها.. عمرك 36 ماذا رأيتِ في الحياة حتى تكتبي مذكرات؟ بريانكا الآن عمرها 39 وبعد قراءتي للكتاب أتمنى أن تكتب بعد عشرين عام من الآن كتاب آخر لأني أود فعلاً أن أقرأ لها. أسلوبها بالكتابة سهل وبسيط كتبت كما تتحدث، جمل طويلة بأفكار واضحة.. She is a real storyteller

قرأت الكتاب وأنا أملك صورة مسبقة عنها وعن شخصيتها وحياتها وعملها، لم تكن الفصول التي تحدثت بها عن بداياتها في بوليوود مفاجئة لي أو انتقالها لهوليوود، لم تتحدث عن الأسباب الحقيقية والمحاربة التي تعرضت لها من منتجين بوليوود والإقصاء الذي تعرضت له في 2012، فهي لا تحب التركيز على من لا يستحق. تفاجأت ان انتقالها كان لبدء مهنة في المجال الموسيقي وليس للتمثيل! تخلّت عن الفكرة بعد 3 سنوات وقررت التخلي عن الغناء لأنها لم تجد نفسها فيه وفضلت التركيز على التمثيل والإنتاج في بوليوود وهوليوود.

طفولتها كانت لطيفة على الرغم من أنها عاشت وتربت مع جديها وخالتها لفترة طويلة في سنواتها الأولى لانشغال والديها بعملهم كأطباء في الجيش. بعد ولادة شقيقها الذي يصغرها بسبعة أعوام وبعد ملاحظة والدتها لغيرتها الشديدة منه قررت أن تدخلها لمدرسة داخلية، لأن سلوكها كان سيء ولم ترضيها حالة النزق والدلال التي كانت عليها وبقت فيها لمدة 3 سنوات. كانت هذه التجربة قاسية عليها وصادمة لأنها لم تفهم لماذا تخلّو عنها أهلها ما الخطأ الذي ارتكبته حتى يتركوني بمفردي هنا! هكذا كانت تصف الأمر.. كانت تزورها والدتها نهاية كل أسبوع ومن ثم منعتها مديرة المدرسة من الزيارة لأنها لا تفيد ابنتها بشيء بهذه الزيارات. تأقلمت مع الوقت وبدأت بإنشاء صداقات وتطور مستوى الشقاوة لدى بريانكا التي كانت تتسلق الأشجار في فناء المدرسة وتطارد القردة. تصف هذه التجربة بأنها علّمتها الاستقلالية والاعتماد على نفسها وهذبت من سلوكها الكثير. ونتيجة لأصابتها بالأزمة أخرجها والديها من المدرسة لحاجتها لعناية صحيّة مكثفة، كانت تقضي فترات الصيف في المعسكرات الصحية التي يتطوع ويعمل بها والديها لمعالجة المحتاجين.

لاحظت منذ طفولتها الاساءات والمعاملة اللاإنسانية التي تتعرّض لها الفتيات والنساء، ومن المواقف التي علقت في ذاكرتها وهي بالسادسة من عمرها كيف أنّهم سمعوا بكاء طفل حديث الولادة، فخرجت والدتها في الليل ووجدت طفلة حديثة الولادة بجانب إحدى السيارات تخلّى عنها أهلها فقط لأنها أنثى. كانت تريد أختاّ وتوسلت لأن تبقى معهم لكن رفضت والدتها وحاولت إفهامها أنها ستجد لها أسرة تعتني بها وهكذا فعلت؛ وبعد أن تواصلت مع الجهات الرسمية تبنت الطفلة عائلة لم تتمكن من الانجاب تعرفها والدتها لتصبح ابنتهم. هذه المواقف والتطوع لمساعدة الفقراء بالإضافة لموقف العاملة المنزلية التي تعمل عندهم بعد ان تفاجأت بريانكا بوجود ابنه العاملة بعد عودتها للمنزل بعد يوم تصوير قصير وأن الأم أخرجت ابنتها من المدرسة لأنها لا تستطيع تحمّل تكاليف تدريسها لأنها في النهاية ستتزوج فما حاجتها للتعليم! في ذلك اليوم قررت مع والديها بمساعدة أبناء وبنات كل من يعمل لديهم دراسياً وصحيا وانتشر الموضوع فأصبح كل شخص يحتاج للمساعدة يتواصل معهم فأنشأت جمعية غير ربحية تعتني بهذا الأمر ومن ثم بداية رحلتها كسفيرة لليونسيف في الهند ومن بعدها سفيرة لليونسيف في العالم.

في عمر الثالثة عشرة سافرت إلى الولايات المتحدة مع والدتها لزيارة خالتها في رحلة كان الهدف منها جس نبضها لتبقى وتدرس مع خالتها وأبناءها.. بعد زيارة للمدرسة قررت بريانكا أنها تريد أن تدرس هنا فقط لأنه لا يوجد زيّ مدرسي رسمي وهذا كان أول قرار تتخذه بحياتها. العائلة مهمة لديها جدا وفي عائلتها هذه المؤازرة مهمة لها للغاية وهو شيء بدأته جدتها لأمها حيث أنها كانت تدعم بناتها وتساعدهم في حل كل مشكلة قد تسبب تراجع في تعليمهم أو عملهم. كانت تقول اذهبي لعملك العائلة ستهتم وتعتني بالأطفال ومن الطبيعي أن تتم استضافة الأطفال والإشراف عليهم في حالة غياب وسفر الوالدين للعمل.. هذا ما فعله أعمامها وأخوالها لها وهم كذلك فعلوا نفس الشيء لأبنائهم. عاشت ما يقارب الأربع سنوات في أمريكا وبعد التنمّر الشديد عليها قررت أن تعود للهند في عمر السادسة عشرة! عودتها كانت تعني خروج شقيقها من الغرفة لتبقى هي بها! لم يعجب الأمر أخيها الذي لا يعرفها بشكل جيد لأنه لم يعش معها، فقرر أن يتخلص منها وحاول أن يبدأ حوارات مع والدته فأصبح يسألها هل أختي جميلة؟ هل هي طويلة؟ هل هي جذابة؟ فكانت تجيبه نعم عن أسئلته فأخذ إعلان من الجريدة وقال: لماذا لا تشارك في هذه المسابقة (ملكة جمال الهند)؟ فأرسلت والدتها صورها للمسابقة وترشحت عن الولاية التي كانت تعيش بها ومن ثم تنافست مع بقية المتنافسات وفازت! وترشحت بعدها لمسابقة ملكة جمال العالم وفازت! كل هذا حدث لأن شقيقها أراد استعادة غرفته. الفصل الذي تحدثت به عن المسابقة والاستعداد لها رائع جدا وممتع ونتيجة لبدئها مرحلة جديدة بدون أي خبرة أو معرفة مسبقة بالمجال الفني، قرر والديها أن ينتقلا ويبقيان معها لمساندتها وحمايتها في هذه الفترة مما استدعى ارسال شقيقها إلى أمريكا بجانب خالتها لأنه لا يوجد أحد متفرغ له! أضحكني الموقف جداً كل جهده انتهى بانتقاله مع خالته. علاقة بريانكا وشقيقها الوحيد كانت متوترة للغاية ولم يستوعبا بعضهما إلّا بعد ما أنهى شقيقها دراسته واليوم هم مثل السمن على العسل.

بريانكا شخصية مسؤولة، تأخذ عملها على محمل الجد، تلتزم بالمواعيد، لبقة في حديثها وذكيّة للغاية وهذا بفضل الدعم والمساندة التي وجدتها من والديها.. في سنواتها الأولى كممثلة والدها كان مسؤول عن إدارة أعمالها بما أنها بدأت بالتمثيل في عمر الثامنة عشرة وضع لها العديد من القوانين لشدة خوفه عليها من أبرزها لا لقاءات للعمل بعد غروب الشمس. بعدها قررت أن يكون لها مدير أعمال احترافي يفهم طريقة العمل ببوليوود، عملت في العديد من الأفلام الناجحة والفاشلة حصلت على العديد من الجوائز ونجحت في تثبيت قدميها كشخص قادم من خارج الوسط الفني، حيث المحسوبية من المشاكل الكبيرة التي لا زالت مستمرة الى اليوم ويحارب الجمهور أبناء وبنات مشاهير بوليوود لأنهم يشتهرون ويحصلون على الفرص بدلا من الممثلين الجيدين دون وجه حق فقط بسبب أسماء عائلاتهم بتمثيل ركيك وعدم وجود للموهبة. لن أتحدث عن عملها كممثلة سواء في بوليوود أو هوليوود كثيراً لأنه كما أسلفت لم أتفاجئ بالمعلومات التي وردت في فصول الكتاب وهي أسهبت بالحديث عنها فيه.. لمن لا يعرفها أوصي بمشاهدة فيلم Barfi فهو من أفضل أفلامها بالإضافة إلى فيلمي أزواج سوزان السبعة 7 khoon maaf وFashion.

حديثها عن العلاقات الشخصية ونوعية الأخطاء التي ارتكبتها والدروس التي تعلمتها، تعاملها مع وفاة والدها وكيف قررت عدم تأجيل تصوير فيلم ماري كوم وبدأته بعد خمسة أيام من وفاة والدها .. حديثها عنه كان مليء بالمشاعر الجياشة أظهرت قوة ارتباطها وعلاقتها القوية معه، تأجيلها الحداد عليه سنوات طويلة مما تسبب في إصابتها بالاكتئاب وتقول إنها كانت محظوظة لأن مهنتها لم تتأثر بهذا الكبت لأن العمل كان طريقتها في الهرب من الحزن وانتبهت للأمر وبدأت بعلاجه قبل أن يتفاقم. تحدثت عن زوجها نيك جوناس وكيف أنها تعتبره من أكثر الأشخاص اللذين تعرفت عليهم نضجاً، وأظهروا احترام لها ولعملها وحتى في الأوقات التي كانت ترغب بإلغاء أعمالها للبقاء معه كان يقول لها: لم تصلين لكل هذا بسهولة .. وصلتِ بجهد وتعب طويل ويشجعها ويدعمها للاستمرار بالعمل باحترافية دون أن تضحي بعملها لأجله وهو شيء قالت انها اعتادت عليه في علاقاتها السابقة تفرط في العطاء إلى حد الاستغلال. لا تشعر بوجود فارق عمر يصل إلى عشرة سنوات بينهم، تحدثت عن علاقتها معه ومع عائلته وعلاقته كذلك مع عائلتها وعن زواجهم بشكل رائع ولطيف ودافئ جداً.

الكتاب ظريف ولطيف جدا، النسخة الورقية تتميّز بوجود صور من جميع مراحل حياتها، سمعت الكتاب صوتياً بصوتها وبالفعل كتبته كما تتحدث وهذه ميزة مهمة جعلتني أنهي الكتاب في يومين لأن طريقتها بالسرد رائعة، مليئة بالمشاعر وهي متحدثة جيدة. ذهنيتها وطريقة تفكيرها تلفت انتباهي منذ مدة طويلة، ذكائها وسرعة بديهتها مع وجود دعم عائلي كان له أثر كبير على قوة شخصيتها واحترافيتها في عملها. أحببت الكتاب، لغته خفيفة وسهلة أو ربما أنا شعرت بخفتها لأني أعلم الكثير عنها قبل أن أبدأ بقراءته فكان سماعها بمثابة الاستماع لصديق لم تتواصل معه منذ مدة طويلة.

الأجزاء المفضّلة لي من الكتاب كانت الفصول الأولى والأخيرة منه.. التي تحدثت بها عن طفولتها، عائلتها، تعليمها، انتقالها إلى أمريكا، عودتها للهند ومسابقتي ملكة جمال الهند والعالم، وفاة والدها وتعاملها مع الحزن، ولقاءها بزوجها والأعمال الخيرية. كنت أود لو كان هناك المزيد من التفاصيل عن بوليوود لكن شاركت تجربتها بحذر شديد، وأتفهم الأمر.. تقييمي للكتاب 4 من5.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s