التصنيفات
غير مصنف

مصافحة

بخجل أفتح تدوينة جديدة لأكتب بعد انقطاع يقارب الشهرين، كنت ملتزمة مع نفسي بكتابة تدوينة واحدة على الأقل كل شهر.. لكن هذا ما حدث. على أية حال، إذا قرأت ما كتبت في فترة العيد فأنا أهنئك بعد الزحمة وأقول: كل عام وأنت بخير وينعاد عليك بالصحة والعافية والسلام.

منذ أسبوعين تقريباً كنت أتحدث مع أخي عن موضوع المبادرات الشخصية الطيبة والعفو عن أخطاء الآخرين وعدم جدوى حمل الضغائن، لأن أول من يتضرر بها هو صاحبها نفسه. أفكر في كلامه منذ ذلك الوقت وأنا متفقة معه تماماً بضرورة التجاوز، والغفران، والتسامح، والمضيّ. وبما أن الأفكار التي شغلت ذهني أثناء وبعد حديثي معه كانت عديدة فقررت أن أكتب عنها.

هل كل الأشخاص يستحقون أن تظهر لهم هذا التسامح؟ هل كل الأفعال بالإمكان التغاضي عنها وتجاوزها؟ كيف يحدد الإنسان لنفسه علامة الخطر التي من بعدها يرفع الجدار حوله ويحمي نفسه بشراسة دون اكتراث بالآخر؟ هل هذا الجدار ثابت الطول للجميع أم أنّ له نقاط عمياء باختلاف الشخص الذي يقف خلفه؟

أيهما أهم: التعامل مع الأخطاء بتسامح ومثالية ملائكية تتعارض مع الطبيعة البشرية وتكون كالنسمة الخفيفة؟ أم التسامح مع النفس والعطف عليها بعدم تحميلها ما لا تفوق والتعلّم من أخطائها؟

في كل الحالتين ستفهم الدرس الذي تحتاجه، أرى أن الحالة الأولى مخاطرها عالية لأن بها سذاجة نوعاً ما وقيمة الإدراك بعدها ستكون باهظة، وقد تحولك لنسخة بشعة من نفسك تمنعك من فعل الخير لمن يستحق. بينما الحالة الثانية تأثيرها مقصور عليك، تتجاوز وتسامح وتمضي بينك وبين نفسك ولا يهمك حتى أن يعرف الآخر أنّك عفوت عنه. تتخفف من العبء لتحصل على سلامك الروحي ولتسمو لأجل نفسك فقط.

في كل الحالتين ستكون الشخص الطيب المتسامح أمام نفسك، في الأولى ستكون عرضة للانتهاز من الآخرين لأنك طيب وستسامح إلى حد أنك لو قلت بيوم أنك تأذيت وكسرت! سيثقلك الجميع بجملة: قلبك كبير سامح، وينسون أنّ العفو مشروط بالمقدرة. وفي الثانية ربما تتطرف في التسامح مع نفسك إلى حد يمنعك من رؤية أخطائك ويحوّلك لشخص يتعامل مع الآخرين كمحطات تتخلص من حمولتك الزائدة عندهم دون أن تبصر الأذى الذي تتركه لهم.

إذا كنت تعيش حياتك مطبقاً لهذا المنهج “اصنع المعروف في أهله وفي غير أهله فإن أصبت أهله فهو أهله، وإن لم تصب أهله فأنت أهله” فأطمئنك أنت على ما يرام ومتصالح مع نفسك بشكل كبير. المشكلة تكمن في تكرار المعروف مع من أثبتت لك التجربة أنه ليس أهل له، هذا الهدر في العطاء الذي يأخذ من روحك الكثير ولا يبقي لك إلّا الندم على المبادرة والغضب على النفس. أعطِ الفرص الثانية لأشخاص آخرون، لا تتوقع نتيجة مختلفة من تكرار نفس التجربة.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s