أزعجته أشعة الشمس أثناء نومه، اعتاد أن يتأكد من إغلاق الستائر قبل نومه كل يوم؛ ربّما لشدة إرهاقه لم يلق لها بالاً في الليلة الماضية. يدفع في هذه اللحظة ثمن إرهاقه.. يحاول أن يتجاهلها فيغلق عينيه على أمل أن يغط في نوم عميق، إلّا أن رائحة التراب أيقظت حواسه وعقله وذهب نعاسه. هل يهطل المطر دون غيوم في السماء؟ أم أن أحدهم يرش الأرض ويغسلها في الخارج ونتيجة لنشاطه الصباحي هذا.. أبدأ يومي بالأسئلة؟
حسناً استفقت الآن.. سأرى بنفسي هل السماء غائمة أم لا؟ آخر ما أتمناه أن أصحو مبكراً بسبب عبث أحدهم. يفتح النافذة، يُطل خارجها ويجد سحابة بعيدة عن مكان منزله إلّا أن أثر تكوّنها في السماء وصل إليه. ينبغي لي أن أستغل ندرة هذا الجو وأخرج للجري، ارتدى ملابس الركض وخرج مهرولاً يتبع هذه السحابة. رائحة الطين تنعش في ذاكرته ذكرى الإنسان الأول، تفاعل التراب مع الماء، ارتوائه الأول، خطوته الأولى إلى أيّ وجهة كانت؟ أول مشهد أبصرته عيناه.. هل كان للأرض أم للسماء؟ إذا وصلت لهذه السحابة بعد قليل.. هل سأجد إجابات لأسئلتي أم ستنبثق أسئلة أخرى؟ وصل إليها.. تنفس رائحة المطر حتى امتلأت رئته بنفسه الأول.
بدأت السحابة بالتشتت، نفذت أشعة الشمس من خلالها إليه. هل جلبها معه وساهم في انتقال السحب لمكان آخر دون أن يقصد؟ لا يهم، حصلت على حصتي منها وسأمضي بقية يومي متأثراً بسحرها.. يوجد شيء يضايقني في حذائي، يضغط على أصابعي ولا يمكنني المشي بهذا الألم. الدم يتسرب من حذائه إلى بركة الماء التي خلّفها المطر في الأرض، رفع قدمه ليرى شدة إصابته، سقط على ظهره ووجد قطته تلعب في تراب النبتة بعد أن حطمت إناءها جوار فراشه.. وأشعة الشمس تملأ غرفته.
تمت.