
كتاب الزِّن في فنّ الكتابة للروائي والكاتب راي برادبيري من الكتب المهمّة التي قرأتها في الآونة الأخيرة وساعدتني في توضيح خارطة الكتابة. لماذا تكتب؟ كيف تكتب؟ هل تفصل الواقع عن الخيال أو تخلط ما بينهما؟ هل تكتب بصدق أم بكذب؟ عن أي فكرة تكتب؟ وهل كل الأفكار تصلح للكتابة؟ كيف تصنع شخصيات قصصك هل تستمدّها ممن تعرف أو تبنيها من العدم؟
كل هذه الأسئلة وأكثر يجيبك عليها برادبيري في كتابه بشكل انسيابي، يحكي فيه عن إلحاح الكتابة لديه منذ طفولته وكيف أنّ قدره كان ينادينه منذ زمن بعيد. كيف استخدم قصص طفولته في بناء شخصياته، كيف استفاد من تعليق أحد أصدقاءه على موقف حدث أمامهم وقال له مازحاً: راي هذا أمر يصلح للكتابة وأخذ مفكرته من جيبه وبدأ يكتب فعلا. كيف أنّ عقله الباطن لعب دوراً كبيراً في اختيار مواضيع الكتابة له بل تدخّل في أسماء شخصياته دون يعي الأمر.
حتى في اختياره لكلمة زِّن البوذية في عنوان الكتاب. تعني هذه الكلمة العمل وهي فلسفة يقوم بها الكثير بدون وعي، فليصبح الباحث باحثاً حقيقيا سيقضي وقتاً طويلاً مكرّسا في البحث والقراءة، ليصبح اللاعب محترفاً يقضي وقتاً طويلاً في التدريب والتمرين. في أي عملٍ ترغب القيام به بجودة عالية عليك أن تعطيه من وقتك الكثير حتى يصبح مرادف العمل لديك هو الحب، فأنت أحببته لإجادتك له ولأنك رعيته وكرّست له جزء كبير من وقتك.. أمنت به فتحقق لك.
الكتابة هي أن تمزّق نفسك ثم تعود وتجمعها، قدرتها على بعث أي روح من ركامها. تعلّمك الكتابة أنّ الحياة هدية وليست حق، تعلّمك كيف تحتفي وتعيش الأيام الجيدة والسيئة. استخدامها في التعبير عن تجاربك وحياتك وخيالك، ما يبهجك ويزعجك هو فن.. يُمكّنك من استشعار الحياة في كل ما حولك.
اقتباسات من الكتاب:
“تذكّر عازف البيانو الذي قال إنّه إذا لم يتدرب يومياً، فسيعرف هو ذلك، وإذا لم يتدرب ليومين، سيعرف النقّاد ذلك، وبعد ثلاثة أيام، سيعرف الجمهور ذلك. الأمر نفسه ينطبق على الكتّاب. ولا يعني ذلك أن أسلوبك سوف يتبدد خلال أيام، ولكن ما سيحدث هو أنّ العالم سيصطادك، ويحاول أن يصيبك بالمرض، إذا لم تكتب كل يوم ستتكدس فيك السموم وتبدأ بالموت، أو التصرف بجنون، أو كلاهما.“
“الكتابة منجاة، أيُّ فن، أي عمل جيّد، هو بالتأكيد منجاة.“
“كل صباح أقفزُ خارج السرير وأخطو على أرض مليئة بالألغام؛ هذه الأرض هي أنا. بعد الانفجار، أقضي بقيّة اليوم في إعادة وضع القطع مع بعضها البعض. إنه دورك الآن، اقفز!“
“ما هو اللاوعي لأيّ أحد؟ في جانبه الإبداعي، بالنسبة للكتّاب، هو الإلهام. إنهما اسمان لشيء واحد.“
“الفرق هو أن مجموعة من التجارب قد حدثت لنا، ومجموعة أخرى قد أرغمنا عليها.“
“ولم أحقّر أو أدر ظهري أبداً للأشياء التي كبرت معها. ولا زلتُ احترم متعتي القديمة تلك ولن أسمح بأن يغسل دماغي منها.“
“كل أمر جريتُ به، فعلته برفقة الإثارة، لأنني أردتُ إنجازه، لأنني أحببتُ القيام به.“
“بأن تعيش جيّدا، بأن تحيا منتبهاً، بالقراءة الحريصة والانتباه أثناءها، فإنك تُربّي الذات الأكثر أصالة فيك.“
“من هم أصدقاؤك؟ هل يؤمنون بك؟ أم أنهم يعيقون نموّك بالسخرية وعدم الثقة؟ إذا كان حالك هو الأخير، فلستَ تمتلك أصدقاء. أُخرج وجد بعضاً منهم.“
“تعلّمت منذ زمن ألّا أرى الأشياء مباشرة، وأن اللاوعي الخاص بي يقوم بالتشبع بدلاً مني، وأن أعواماً ستمضي قبل أن يظهر أي انطباع صالح للاستخدام على السطح.“
أكتفي بهذا القدر من الاقتباسات، الكتاب اعتبره دليل مهم في الكتابة ليس فقط في الكتابة الأدبيّة بل في كل نص تود أن تكتبه بإتقان.